حافظ الحجاز يحل بالمغرب

حل بالمغرب يوم البارحة فضيلة شيخنا الإمام العلامة النوراني، حافظ الحجاز ومحدثه؛ الشيخ محمد بن محمد عوامة الحلبي المدني، في إطار الندوة التي تقيمها دار الحديث الحسنية حول الحديث وعلومه، وسيبقى فضيلة الشيخ في المغرب إلى نحو يوم الخميس القادم، وهو مقيم بالرباط بفندق شالة القريب من جامع السنة بوسط البلد..

الشيخ محمد عوامة من كبار علماء الحديث في هذا العصر، وهو تلميذ للعالمين الجليلين الشيخ عبد الله سراج الحلبي، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة، وله تحقيقات قيمة جدا، منها: تخريج أحاديث مصنف ابن أبي شيبة في ستة وعشرين مجلدا، وتحقيق سنن أبي داود في ثلاثة مجلدات، وتحقيق الكاشف في الرجال للحافظ الذهبي في خمسة مجلدات، وغير ذلك من الأعمال القيمة، التي تجعله في مصاف خدمة السنة النبوية..وهو مقيم الآن بالمدينة المنورة...حفظه الله ورعاه، وأمد في عمره ونماه...

وقد حضر معه جملة من أهل العلم الكبار؛ منهم: الشيخ عبد الوهاب أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، والشيخ مجد مكي من علماء حلب بالحجاز وقطر...وغيرهما...

قد أكرمنا الله تعالى بالاجتماع بهذا العالم الرباني، واستضافته في منزلي، يوم الأربعاء ليلا، بحضور ثلة من العلماء؛ منهم: عم جدنا العلامة المصلح الدكتور إدريس بن محمد بن جعفر الكتاني، وعم والدنا العلامة القاضي محمد بن محمد الزمزمي الكتاني، وابن عم جدنا الأستاذ عمر ابن محمد المكي الكتاني، والشيخ العارف بالله الحاج عمر بناني، والأستاذ الدكتور عبد الفتاح الزنيفي محقق "الفجر الساطع على الصحيح الجامع" للشبيهي في 18 مجلدا، والعالم البحاثة عدنان عبد الله زهار، والعالم المحقق هشام حيجر، والدكتور الطبيب محمد النفس الزكية الكتاني، وثلة من الأشراف وأهل الفضل، كما حضر حفل العشاء ابنا الشيخ: محيي الدين، وعبد الله عوامة، والأستاذ المنور الشيخ مجد مكي، وكان مجلسا مباركا، تجاذب فيه أهل العلم والفضل أطراف الكلام، من بين علم وأدب واجتماع ومؤلفات وغير ذلك، كما حظي الحضور بسماع الحديث المسلسل بالأولية، والإجازة العامة من كل من الشيخ عوامة، والشيخ إدريس الكتاني، والشيخ محمد الكتاني حفظهم الله تعالى، وكان مجلس أنس ونور..

كما أكرمنا الله تعالى وسافرنا رفقة الشيخ عوامة حفظه الله، وابنيه والشيخ مجد مكي، إلى مدينة فاس المطهرة، فصلينا الجمعة بجامع القرويين الأعظم بها، وسلمنا على عالم فاس ومرجعها، وخطيب جامع القرويين بها، الشيخ المعمر نحو التسعين غازي ابن أبي الشتاء الحسيني الصنهاجي، وعرفنا فضيلة الشيخ عوامة ومن معه على بعض مآثر جامع القرويين الأعظم؛ كمجلس الإمام ابن خلدون، وخلوة القرويين، والعنزة، وقبة النسر، وسيف الإمام مولانا إدريس المعلق على مئذنة الجامع، وغير ذلك من المآثر.

كما زرنا جامع الشرفاء، حيث ضريح الإمام إدريس الأزهر باني فاس، ابن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وتبركنا به، ودعونا الله تعالى بما الرجاء منه القبول.

ثم تناولنا الغداء بمنزل العلامة الأستاذ عبد السلام الهراس، فكان مجلسا مباركا، فيه من نتف العلم والفوائد ما يطاب ويستجلب، وذكر لنا من فتوحاته القرآنية أمورا تستلذ وتستعذب، وحضر بعض تلامذته من علماء الشباب، وهو من آل بناني بيت العلم والعمل.

وبعد ذلك زرنا الشيخ المسند الفاضل، الصوفي العابد مولانا الشيخ عبد الرحمن ابن حافظ الدنيا الشيخ عبد الحي الكتاني، فكان المجلس مجلس تصوف وحال، وبركة وأنس وجمال، جدد فيه حافظ الحجاز الاستجازة من الشيخ له ولبنيه، وتقدم للإمامة في صلاة المغرب فسكبت منه العبرات، وقال: "كنت أحلم بقراءة كتب الشيخ عبد الحي الكتاني، وأعتبر ذلك فخرا، وأنا الآن أجالس ابنه في منزله!"...

ثم حضرنا جلسة ذكر في زاوية الإمام محمد بن جعفر الكتاني بفاس، حيث مرقده قدس سره، فذكرنا الله تعالى، وصلينا على رسوله صلى الله عليه وسلم، بما أطرب القلوب، وهدأ الأعصاب، فختم المجلس الشيخ عوامة، وصلى بنا العشاء، ثم أفاد بعض طلبة العلم من الحاضرين من علمه، وأجازهم إجازة عامة.

ومن هناك زرنا الشيخ المعمر نحو 120 سنة، شيح "دلائل الخيرات" بفاس، الشيخ العارف بالله تعالى مولانا العياشي الفلالي، فعشانا وأكرمنا وما قصر، وقرأنا بمعيته طرفا من "دلائل الخيرات" من النصف إلى الثلثين، وأجازنا جميعا به وبقراءته وتلقينه، فكان مجلسا مباركا، كله بركة وخير وأنس وجمال...

ومن ثمة عدنا أدراجنا إلى الرباط، وقد امتلأت قلوبنا بالفرحة والدهشة والاغتباط...والحمد لله رب العالمين..

يسر الله لكم قدوما إلينا، ولنا قدوما إليكم بمنه تعالى وكرمه...