قال الإمام الحداد :
(واعلم) أن من عبد الله بغير علم كان الضرر العائد عليه بسبب عبادته أكثر من النفع الحاصل له بها، وكم من عابد قد أتعب نفسه في العبادة وهو مع ذلك مصر على معصية يرى أنها طاعة أو أنها غير معصية. وقد حكى الشيخ العارف بالله محمد بن عربي في باب الوصايا من الفتوحات عن رجل من أهل المغرب أنه كان كثير الاجتهاد في العبادة وأنه اشترى أتاناً1 ولم يستعملها في شيء، فسأله إنسان عن سبب إمساكها، قال: ما أمسكتها إلا لأحصن بها فرجي! وكان لا يعلم تحريم إتيان البهائم، فلما عرفه بتحريمه أشفق وبكى بكاءً شديداً. انتهت الحكاية بمعناها.
والعلم الواجب على كل مسلم هو أن يعلم وجوب جميع الفرائض التي فرضهن الله عليه وتحريم جميع المحرمات التي حرمهن الله عليه. وأما العلم بكيفية فعل الشيء الواجب فلا يجب إلا عند إرادة مباشرته فمن بلغ أو أسلم في شهر المحرم مثلاً كان الواجب عليه فوراً أن يتعلم معنى الشهادتين وينطق بهما، ويتعلم وجوب الصلوات الخمس وما يجب من معرفة أركانها وأحكامها، ومن الواجب عليه أن يعرف وجوب الصوم والزكاة والحج وغيرها من الواجبات العينية ويعرف تحريم الزنى وشرب الخمر وأخذ أموال الناس بالباطل وغيرها من المحرمات الشريعة ولكن لا يجب عليه أن يتعلم كيفية الصيام والحج إلا عند مجيء رمضان وإرادة الحج، ولا كيفية الزكاة إلا حتى يملك مالاً يزكى ويجيء وقت إخراج الزكاة والله أعلم.
__________________