قال الإمام الحداد :
وعليك) بصلاة الليل فقد قال عليه السلام: "أفضل الصدقة بعد المكتوبة صلاة الليل" وقد قال عليه الصلاة
والسلام: "فضل صلاة الليل على صلاة النهار كفضل صدقة السر على العلانية". وقد ورد أن صدقة السر تضاعف
على صدقة العلانية بسبعين ضعفاً، وقال عليه الصلاة والسلام: "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم،
ومقربة لكم إلى ربكم، ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم ومطردة للداء عن الجسد.
(واعلم) أن من صلى بعد العشاء فقد قام من الليل وقد كان بعض السلف يصلي ورده من أول الليل ولكن في
القيام بعد النوم إرغام للشيطان ومجاهدة للنفس وسر عجيب، وهو التهجد الذي أمر به الله ورسوله في قوله
(ومن الليل فتهجد به نافلة لك) وفي المأثور: إن الله يعجب من العبد إذا قام من على فراشه وبين أهله إلى صلاته
ويباهي به ملائكته ويقبل عليه بوجهه الكريم.
(واعلم) أنه يَقْبُح بطالب الآخرة أن لا يكون له قيام بالليل. كيف والمريد لا يزال طالباً للمزيد متعرضاً للنفحات على
دوام الأوقات.
وقد قال، صلى الله عليه وسلم: "إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة
إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة" أخرجه مسلم.
وفي بعض كتب الله المنزلة: كذب من ادعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني أليس كل محب يحب الخلوة بحبيبه.
وقال الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي رحمه الله جمع الخير كله في الليل وما عقدت لولي ولاية إلا بالليل.
وقال سيدي العيدروس عبد الله بن أبي بكر من أراد الصفاء الرباني فعليه بالانكسار في جوف الليل.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل الله كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول:
هل من داع فأستجيبَ له، هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فأعطيه، هل من تائب فأتوب عليه حتى يطلع
الفجر". ولو لم يرد في الحث على قيام الليل غير هذا الحديث لكفى.