ااستضاف منتدى الفكر العربي في عمان المستشرق الايطالي الاب "جوزيف سكاتولين" استاذ التصوف الاسلامي في المعهد البابوي للدراسات العربية والاسلامية في روما ، وكان عنوان محاضرته "الفكر الصوفي".. المحاضرة في 28 ـ 6 ـ 2010م.
قرأ هذا المستشرق "الفكر الصوفي" قراءة عصرية بعيدة عن الانغلاق او التعصب ان عند المسلمين او عند المسيحيين ، دعا الى تفعيل "التقاليد الروحية" لدى هذه الاديان انقاذا لانسانية الانسان مما طالها من عطب وابتذال ، انسانية الانسان التي سامها ما سامها من خسف وامتهان ، آن لها ان تتألق من جديد ، ان تتعافى من اسقام فرضت عليها ، ان تستعيد كرامتها التي اخبرت وسموّها الذي امتهن.
في محاضرته حذر هذا المستشرق من خطر انتشار "القبليات الدينية الحديثة التي تحوّل فيها الدين الى اداة طيعة لخدمة المصالح السياسية والاقتصادية الكبرى".
"القبليات الدينية" التي اشار اليها هذا المستشرق هي مرض عضال لا يخدم اي وجود انساني ، هو يخدم هذه السلطة السياسية او تلك ، يدافع عنها بحق وبغير حق وذلك ما يراه متناقضا مع "تقاليد الصوفية العالمية في انقاذ الانسان المعاصر من الخطر الذي يتهدده" ، ان ترك الحبل على غاربه لهذه القبليات من شأنه ان يفجّر "العنف" ويشيع "التطرف" في العالم الاسلامي وغير الاسلامي.
يقول ابن مسكويه في "تهذيب الاخلاق وتطهير الاعراق" "ان الفضائل ليست اعراقا بل هي افعال واعمال تظهر عند مشاركة الناس ومساكنتهم وفي المعاملات.. ونحن اما نتعلم ونعلّم الفضائل الانساني التي نساكن بها الناس ونخالطهم لنصل منها وبها الى سعادات الاخرين" سعادة الاخرين هي غاية الاديان السماوية ، وعيه ينبغي ان يسعى اتباع هذه الاديان الى انقاذ الانسان المعاصر من اوضار "التكنولوجيا الاستهلاكية المسيطرة على الوجود الروحي للانسان".
لا يجوز اليوم ان تبقى "مغامرة" الانسان المعاصر العقلانية العلمية والتكنولوجية الاستهلاكية في واد والحكمة الروحية في واد اخر وفق ما يقول هذا المستشرق.
ان عدم التلاقي هذا سيؤدي الى المزيد من "الاستلاب الروحي" وبالتالي الى تدمير الذات الانسانية تدميرا روحيا.
حذّر هذا المستشرق من تداعيات "العولمة" واثرها السلبي على "القيم التقليدية في المجتمعات الانسانية" وهي قيم باركتها جميع الاديان السماوية ومنها "الصدق" و"الوفاء" و"احترام الاخر" والبعد عن "الطريقة القبلية" في استعادة "الهوية الذاتية" لان هذه الطريقة تؤدي الى المزيد من النزاعات الطائفية والمذهبية والقبلية تؤججها السلط السياسية في هذا البلد او ذاك خدمة لمصالحها السياسية والاقتصادية.
وفي تصور هذا المستشرق المتعمّق في الدراسات الاسلامية "فان الاخذ بالفوارق الدينية جديا وبكامل معناها الخاص يضعها على طريق التلاقي الحقيقي بين الاديان" ، وهنا علينا مرّة اخرى التأكيد على ان "الاسلام" دين محبة وتآلف يحترم الديانات الاخرى.
من ناحية اخرى ، دعا هذا العالم والمستشرق الى ضرورة تنقية "التصوف" من خطر واضرار "الثقافة التسويقية" التي تحاول ابتذال هذا المصطلح الصوفي المفعم بالخير كما شدد على ضرورة الارتقاء به عن "الظواهر الغيبية الغريبة وغير الطبيعية".
وفي هذا السياق يقول: ان الخبرة الصوفية تمثل قلب الخبرة الدينية ما يعني انها تمثل ايضا قلب صميم الخبرة الانسانية.
يقول نصيرالدين الطوسي: "ان المناظرة والمذاكرة مشاورة والمشاورة انما تكون لاستخراج الصواب وذلك انما يحصل بالتأصّل والانصاف ولا يحصل بالغضب والشغب والمشاقّة".. الطوسي - كتاب آداب المتعلمين.