بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد النور الذاتي و السر الساري في سائر الأسماء و الصفات و على آله وصحبه وسلم ،
أما بعد
بأزاء ما نكتب في هذا المنتدى من أطايب الكلام ، وأشارات المقربين من أهل الأذواق و الألهام ، نجد فيما نكتب بعد الحرج ، ذالك أن أهل التحقيق يجدون في خوض بحر التصوف دون أذن صريح منهم مجرد كلام عقل وبيان لمدركاته في الفهم ، وعليه فكل تأويل في هذا المقال من فهمي الضعيف و أهل الله بريئون مني أن كنت أدخل رياضهم عن غير أذن ، بل أطرق الباب لعلي أجد فهما أو أشارة أو دبيب أمل علني أعي عنهم أهل الله ما لا أفهم منذ سنوات.
يرى بعض الدارسين في التصوف مجرد تعاريف متجددة لفقه يتجدد ، بل له دورات و حركات تدبيرية كونية ، بحسب مقتضى التجديد .
ففي كل زمن معين كان رجل يشار أليه بالأصابع ، في الفهم و الأدراك و التسليك و الفهم عن الله. منهم من أجتمعت الأمة على صلاحه و علو شانه ، وبرائته من كل فكر فلسفي أو علم أشراقي ، فكان سلوكه مؤصل على بينة من ربه و علم تليد، ومنهم من أختلفت فيهم الأمة ومنهم ابن عربي رضي الله عنه.
1.كيف نتعامل مع ثراث ابن عربي رضي الله عنه:
لا تكاد تجد في مسرح الصراع ألا نوعين : أما مبالغ في حب أبن عربي رضي الله عنه مدافع عنه ، وهذا ميل قلبي عارم أجده أحيانا في قلبي لشدة حبي لأهل الله و خصوصا من كان لهم الباع الكبير في تجديد الفكر التربوي أمثال ابن عربي رحمه الله ، لكنك أحيانا تصطدم بنوع من الضيق العقلي حينما لا تتقبل نقد المناوئين و لا تريد أن تفهم لم كان هذا الصراع و لماذا أحتدم ؟.
حول مسالة الأتحاد و الوحدة و الحلول يقول الشيخ عبد السلام ياسين في كتاب ألأحسان :
(.......الصنف الثالث من الفناء حسب تقسيم ابن تيمية هو: (-.....الفناء عن وجود السوى. وهو قول الملاحدة أهل الوحدة كصاحب الفصوص (ابن عربي) وأتباعه الذين يقولون: وجود الخالق هو وجود المخلوق. وما ثَمَّ غيرٌ ولا سوى في نفس الأمر. فهؤلاء أعظم كفرا من قول اليهود والنصارى وعُبَّادِ الأصنام.
هنا نجد وجها لوجه عَلَمَيْن من أعلام الملة: ابن تيمية وابن عربي، شغل كل واحد منهما، ولا يزال يشغل، عقول المسلمين، وفتنت كتبهما الأجيال. ولا مناص لنا من النظر في هذا الخلاف، ويكون اللف من حوله بزعم اجتناب الجدل كسياسة النعامة.
الشيخ ابن عربي عند العارفين هو "الشيخ الأكبر" وكفى. وما في كتبه من كلام كفري يعزوه بعضهم إلى السكر فيعذره وبعضهم ينسُبُ تلك الكلمات، بل تلك الفلسفة المبنية، إلى دس الباطنية. وابن تيمية لا يعذِر ولا يقبل كلاما.
لِنَقُلْ أولا إن ما في كتبِ ابن عربي من قول بأن وجود الله هو وجود الخلق لا زائد قَولُ كفر وزندقة وجحد لإخبار الله عز وجل الخالق البارىء المصور. وقد فصل حاجِّى خليفة في موسوعته "كشف الظنون"، وهو الخبير الثقة بالكتب، كيف دس الباطنية قبحهم الله على الشيخ في كتبه. يؤكد لنا دفاعَ حاجى خليفة وجماعةٍ من علماء الأمة ما نقرأه في مثل كتاب "روح القدس في محاسبة النفس" للشيخ الصوفي الكبير وجزء وصاياه في آخر كتاب "الفتوحات المكية"، الذي كان ابن تيمية باعترافه مُعْجَباً به يوما ما، من كلام مناقض للخوض في السكريات والكفريات، كلامٍ من أعلى الكلام وأجوده وألصقه بالسنة المطهرة وأحرصه عليها.
من هذا المُنْطَلَق نمضي شوطا مع شيخ الإسلام في نقده اللاذع وتكفيره الصادع لنكشف لبَّ المسألة، ولنحضُرَ مشهدا من مشاهد معركة أدّى إليها حديثُ العلماء فيما يَحْرُم الحديث فيه.
ما هو لُبُّ الخلاف ؟ يقول ذلك هذا البيت من الشعر في فتوحات ابن عربي:
وطالب غير الله في الأرض كلهـا
كطـالب مـاء من سـراب بقـيـعة
معناه أن الخلق عدمٌ، وأنه ما في الوجود إلا الله.
فهل يقول ابن تيمية غير هذا وهو في حُمَّى الإرعاد والإزباد؟ قال: (....الكائنات ليس لها من نفسها شيء. بل هي عدم محض ونفيٌ صرف. وما بها من وجود فمنه وبه). هكذا! وقال في شرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (....أصدق كلمة قالها الشاعر قول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل"، قال: "كل ما خلا الله فهو معدومٌ بنفسه، ليس له من نفسه وجودٌ ولا حركة ولا عمل، ولا نفع لغيره منه. إذ ذلك جميعه خلق الله وإبداعه وبَرْؤُه وتصويره. فكل الأشياء إذا تخلى عنها الله فهي باطل، يكفي في عدمها وبطلانها نفس تخلِّيه عنها).
إن النطق في هذه الأمور بغير ما نطق به الكتاب ونطقت به السنة خطأ. ولئن خرج شيخ الإسلام من القول بعدمية العالم "المحضة" بإثبات الخلق والبَرْءِ والتصوير فإنه غفر الله لنا وله كما يغفر سبحانه للمجتهد المخطئ توَرَّط أيما تورط في الرد على القائلين بالحلول والاتحاد لعنهم الله. نفى المقالة بالحلول المُطْلَق وأدانها بشدة، لكنه اخترع مقالة غريبة شنيعة سماها "الاتحاد المعَيَّن".
قال: (....وقد يقع بعض من غلب عليه الحال في نوع من الحلول أو الاتحاد. فإن الاتحاد فيه حق وباطل. لكن لما ورد عليه ما غيَّبَ عقله أو أفناه عما سوى محبوبه، لم يكن بذنب منه كان معذورا).
ويفصل عفا الله عنا وعنه هذه التُّرَّهات المسماة -اتحادا معينا- فيقول: (....فقول القائل :إن الربَّ والعبد شيء واحد ليس بينهما فرق كفر صريح، لا سيما إذا دخل في ذلك كلُّ عبد مخلوق. وأما إذا أراد بذلك عباد الله المومنين وأولياءَه المتقين، فهؤلاء يحبهم ويحبونه(...). ولا يقال في مثل هؤلاء: إن العبد والربَّ شيء واحد لكن يقال لأفضل الخلق كما قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ .
هذه أيضا خرج منها، وما كاد، باللجوء إلى النص المنزل المعصوم. ثم يعود ليقرر أن بعض العباد فيهم "نوع" و"شبه" حلول. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. ويقول: (...فهذا فيما يشبه الاتحاد أو الحلول في معين، كنَبِيٍّ أو رجل صالح ونحو ذلك(...). فإنه في هذا القسم يقوم في العبد المُعَيَّن من آثار الربوبية وأحكام القدرة أكثر مما يقوم بغيره).
ويكرر ابن تيمية في فتاويه المنشورة بهذا الجزء الثاني مرات كثيرة أنه يعترض على الاتحاد والحلول المطلق ليثبت ما سماه في أبجديته الجدلية حلولا واتحادا معينا. معناه: لا تقل: كل الخلق الله، لكن لا بأس إن قلت: بعض العباد فيهم نوع حلول وشبه اتحاد. أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.
كان ابن تيمية متَّزنا في كلامه عن ابن عربي في رسالته إلى الشيخ الصوفي نصر المَنْبِجِي، المتعصب لابن عربي، الذي كان (...يحط على ابن تيمية من أجل حطه على ابن عربي" كما يقول الحافظ ابن حجر في -الدرر الكامنة-. وقد قرأنا في فصل سابق كيف خاطبه بإجلال وقال له: (....إن الله تعالى أنعم على الشيخ وأنعم به نعمة باطنة وظاهرة في الدين والدنيا. وجعل له عند خاصة المسلمين الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فساداً منزلة علية ومودَّةً إلهية، لما منحه الله به من حسن المعرفة والقصد).
كيف يخفضُ الجناحَ لرجل من أشدِّ خصومه في ابن عربي! كيف يدور، كما تدور الكلمات المنسوبة لابن عربي، حول حقيقة: "فإذا أحببته كنت سمعه وبصره ويده ورجله"، ويفضِّل المعيَّن على حلول أولئك المطلَقِ! أبْعَدَ الله كل قائل بالحلول والاتحاد ممن لا يقبلون إخبار الله عز وجل عن نفسه وعن فعله بعباده حتى يخوضوا في الكيف والحيث!.
كان الحافظ الذهبي تلميذ ابن تيمية الشاكُّ المشكك في حديث البخاري القدسي "من عادى لي وليا" أكثر اتزانا وإنصافا واعتدالا للشيخ ابن عربي رحمه الله حيث كتب: (....وما عندي أنَّ محيي الدين (ابن عربي) تعمَّدَ كذباً. ولكن أثَّرتْ فيه تلك الخَلَواتُ والجوعُ فساداً وخيالا وطرف جنون. وصنَّف التصانيف في تصوف الفلاسفة وأهل الوحدة فقال أشياء منكرةً، عدَّها طائفة من العلماء مروقا وزندقة. وعدها طائفة من العلماء من إشارات العارفين ورموز السالكين. وعدها طائفة من متشابه القول، وأن ظاهرها كفر وضلال، وباطنها حق وعرفان، وأنه صحيح في نفسه، كبير القدر).
قيض الله عز وجل في حكمته البالغة وبلائه للعباد أن تنتشر في عصرنا كتب ابن تيمية انتشارا ما عرفه من قبل مؤلف. ونشأ عن هذا الانتشار إرهابٌ "ديني" ضدَّ من ينطق مُجرَّدَ النطق باسم ابن عربي، فأحرى أن يترحم عليه. والنص الذي أوردتُه للذهبي، وهو تلميذ ابن تيمية اللصيق به، وهو الحافظ الكبير الذي كان ابن حجر يتمنى على الله بلوغ مرتبته، يرُدُّ الأمور إلى حجمها. فابن عربي تغالى في تقديره وتعظيمه طائفة جليلة من العلماء عديلَ ما تغالى ابن تيمية وأتباعه في تجْرِيمه.
وقد ألف السيوطي كتابا بعنوان: "تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي" دافع فيه عن الشيخ الجليل ونهى عن قراءة الكتب المدسوس فيها عليه. وعظم الشيخ الأكبر علماء في كل العصور ابتداءً من معاصره الحافظ البرزالي الذي تتلمذ له إلى الشيخ محمد عبده السلفي المتناقض في سلفيته وتصوفه وزعمه عفا الله عنه أن الجن نوع من الجراثيم والمكروبات.
سراج الدين المخزومي، سلطان العلماء العز بن عبد السلام، سبط ابن الجوزي، الصلاح الصفدي، قطب الدين الشيرازي، مؤيد الدين الجخندي، نصر المنبجي، الحافظ الحجة محيي الدين النووي، جلال الدين السيوطي، اليافعي اليمني، الشيخ الصوفي الإمام الشعراني،شيخ الإسلام زكرياء الأنصاري الشافعي صاحب المصنفات الشهيرة، وكثيرون. هذه أسماء علماء أجلاء غابت عن الأبصار شهاداتهم لابن عربي وطُوِيَتْ في بطون الكتب، فلا تُرْوَى إلا إدَانةُ ابن تيمية، وانتصب كل من هب ودب قاضيا يُكفِّر بشهادة الخصم ولا يسمع للمتَّهَمِ كلمة. هذا بلاء مبين. وإني أنهى من قرأ كتاباتي عن النظر في كتب ابن عربي وأمثاله إلا أن تكون قدمه راسخة، بمعنى أن يكون في حِجْر شيخ مرب يأذن له ويشرح له ويحرر له الحق من الباطل والأصيلَ من المدسوس.
وفي المتأخرين نجد علمين من أعلام الأمة، عالمين مجاهدين لا نجد لهما مثيلا في مقاومة الكفر وقتاله والصمود في وجهه. الأول الأمير عبد القادر الجزائري تتلمذ لابن عربي وألف كتاب "المواقف" عرض فيه مقالات الشيخ الجليل المدسوس عليه المظلوم، حتى ليعد الأمير عبد القادر من أبرز شراح "الفتوحات" المكية. وهو رحمه الله أنفق على طبع الفتوحات وأشرف. أما الثاني في مفخرة العلماء المجاهدين فمحمد بن عبد الكريم الخطابي الذي قاوم الجيوش الفرنسية والإسبانية منفردة ومجتمعة تلك المقاومة العزيزة الخالدة. ذكر في مذكراته أنه أثناء قيادة الجهاد كان لا يفتر عن قراءة الفتوحات.
وكما كتبت في آخر الفصل الأول من هذا الكتاب هديَّةً إليك هي توبة الشوكاني الذي كان يكفر ابن عربي، فإني أهديك هنا إشادةَ مجد الدين الفيروزبادي بالشيخ محيي الدين. الفيروزبادي هو مؤلف القاموس، عَلَمٌ من الأعلام. وكلمته لا أريدُها توصية بابن عربي، لكن أريدها صوتا من جانب الإنصاف عسى تتعادل كِفَّتَا الجدل، فنتجاوز أنا وأنت باحترام وسلامة طوية وسعي في الصلح بين المسلمين كل هذا الكدر والدخن الذي تصاعد من أراضي المعارك المذهبية فخنق أنفاسنا وضبَّبَ عيُونَنَا. نتجاوزه صعودا إلى ينبوع الحكمة ومصدر الهداية ودليل الاستقامة: ألا وهو قال الله وقال رسول الله. لا إله إلا الله.
قال الفيروزبادي الذي شرح صحيح البخاري وطرزه بكلام ابن عربي: "اللهم أنطِقْنَا بما فيه رضاك. الذي أقوله في حال المسؤول عنه (ابن عربي الذي استفتوه في شأنه) وأعتقده وأدين الله سبحانه وتعالى به أنه كان شيخ الطريقة حالا وعلما، وإمام الحقيقة حدّاً ورَسْما، ومحيي رسوم المعارف فعلا واسما. إذا تغلغل فكر المرء في طَرفٍ من بَحرِه غَرِقَتْ فيه خواطِرُه في عُبَابٍ لا تدركه الدِّلاءُ وسحاب تتقاصَر عنه الأنواءُ. وأما دعواته فإنها تَخْرِق السبع الطِّباقَ، وتفترقُ بركاته فتملأ الآفاق.
نجد في كلمات الشيخ عبد السلام ياسين ذالك الترياق لهذه المعضلة ، معضلة ما دس في كتب الولي الكريم من الأباطيل ، ترتب عنه ذالك الصراع الفذ الكبير بين الحنابلة و الحاتميين كما يحلو البعض ان يسميه.).
مقتبس من كتب الأحسان ، بتصرف
2. بين يدي الفص المحمدي :
لعل الحقيقة تبدو للعيان كاملة دون نقص ، لكنها تبقى أحيان مستعصية لمن لا يتقبل العلم اللدني الذي خصه الله بعباده من أهل الله.
ومنا يرى البعض أن هذه الحقيقة مجرد وهم و خيال ترتبط بعلوم هي أقرب للشك من اليقين.
تتغير بتغير الزمان و المكان و المعطى ، فهي نسبية في حضورها الكوني ، مطلقة لمن تشربها عن ذوق و ذكر و شهود و حضور.
لا يستقيم الكون أن لم يكن فيه كفر و ألحاد و أيمان و علم و جهل و قبح و حسن ونسبي و مطلق ، فيرون فيه التنوع الخلاق ، و أحيانا فوضى و عجز الأرادة المطلقة في تدبير مملكتها.
قصور عقلي و تنكب عن طلب الحقائق في غير مواضعها ، قل أن شئت حتمية متغيرة ، واسماء توضع ، وجدالات لا تفهم.
و النتيجة : التراكم ، الثراث.
ومن أهل الله لا يتقبل هذا التنوع لأنغلاقه في رباطه أو أستئثاره بمعرفة هي أولى بالبيان من الكتم ، والتوضيح عوض الأخفاء و الحجر.
قل كلمتك و أمش لا تنفع ، لكنها تنفع في وقت دون وقت ومكان دون مكان وموضع دون موضع.
أن نكتب في حقائق أهل الله عمل طيب و مبارك أقل ما يستفيد منه أنك تجد نوعا من الطلب في وجه الله.
و أن لا تكتب خوفا من أحد أو أنها علوم خاصة لأولياء الله ، فكلام الأولياء يؤخذ منه و يرد و ليس كلاما مقدسا ، ككتاب الله فهو حق و سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم حق ، لا يحتمل الأنكار و لا يقبل الجهل به عن قصد ، فهو كلام أزلي سرمدي لا يتغير و لا يتبدل يقبل وأن كان يعارض العقل.
وهنا تجد اصواتا في محاربة الحديث الذي لا يتقبله العقل : كصلصلة الجرس .
أنكار فهوم ابن عربي رضي الله عنه ليس كبيرة ، فعند أهل الله الكبائر معروفة مقيدة بالشرع ، والمبالغة في تشنيع من ينكر فهوم ابن عربي رضي الله عنه مهزلة و أي مهزلة.
كما أن المبالغة في الرد على المنا وئين مضيعة للوقت ، لا بد من تجديد للعلم التربوي بما يقتضيه الوقت و مطلب جمع الأمة و توحيدها في المطالب العالية.
3. نص الفص المحمدي:
يقول الشيخ الأكبر في خاتمة فصوصه : ( ......أنما كانت حكمة فردية لأنه أكمل موجود في النوع الأنساني ، و لهذا بدئ به الأمر وختم ، فكان نبيا و آدم - عليه السلام- بين الماء و الطين، ثم كانت بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
و أول الأفراد الثلاثة ، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فأنها عنها.
فكان صلى الله عليه وسلم أدل دليل على ربه ، فأنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم -عليه السلام.-، فأشبه الدليل في تثليثه ، والدليل دليل لنفسه.
ولما كانت حقيقته تعطي الفردية الأولى بما هو مثلث النشأة قال في باب المحبة التي هي أصل الوجود : ( حبب ألي من دنيكم ثلاث.) بما فيه من التثليث.
ثم ذكر النساء و الطيب و جعلت قرة عينه -صلى الله عليه وسلم - في الصلاة.
فأبتدأ بذكر النساء و أخر الصلاة ، و ذلك لأن المرأة جزء من الرجل في أصل ظهور عينها.
ومعرفة الأنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه ، فأن معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه لذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( من عرف نفسه فقد عرف ربه).
فان شئت قلت بمنع المعرفة في الخبر و العجز عن الوصول فأنه سائغ فيه ! ، وأن شئت قلت بثبوث المعرفة .
فالأول أن تعرف نفسك لا تعرفها فلا تعرف ربك ، و الثاني أن تعرفها فتعرف ربك.
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أوضح دليل على ربه ، فأن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه فأفهم.
وأنما حبب أليه النساء فحن أليهن لأنه باب حنين الكل الى جزئه ، فأبان بذلك عن الأمر
في نفسه من جانب الحق في قوله في هذه النشاة الأنسانية العنصرية : ( ونفخت فيه من روحي ) س الحجر آ 29.
ثم وصف نفسه بشدة الشوق الى لقائه فقال للمشتاقين : ( ياداوود أني أشد شوقا اليهم ) يعني للمشتاقين أليه.وهو لقاء خاص.
فأنه صلى الله عليه وسلم قال في حديث الدجال أن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت ، فلا بد من الشوق لمن هذا صفته.
فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم فيحب أن يروه و يابى المقام ذالك.
فأشبه قوله : ( حتى نعلم) سورة محمد آ 31. مع كونه عالما فهو سبحانه و تعالى يشتاق لهذه الصفة الخاصة التي لا وجود لها الا عند الموت.
فيبل بها شوقهم أليه كما قال تعالى في حديث التردد وهو من هذا الباب : ( ما ترددت عن فعل شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن يكره الموت و أنا أكره مسائته و لابد له من لقائي) فبشره بلقائه.
وما قال له و لا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت.
ولما كان لا يلقى الحق الا بعد الموت كما قال عليه الصلاة و السلام : ( أن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت). لذلك قال تعالى : ( و لابد له من لقائي) .فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة.
يحن الحبيب الى رؤيتي...........................وأني أليه أشد حنينا.
وتهفو النفوس و يأبى القضا ...................فأشكو الأنين و يشكو الأنينا.
فلما ابان أنه نفخ فيه من روحه ، فما أشتاق الا لنفسه. الا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه.؟
ولما كانت نشاته من هذه الأركان الأربعة المسمى في الجسد أخلاطا ، حدث عن نفخه أشتعال بما في جسده من الرطوبة ، فكان روح الأنسان نارا لأجل نشأته ، و لهذا ما كلم الله موسى الا في صورة النار و جعل حاجته فيها ، فلو كانت نشأته طبيعية لكان روحه نورا.
وكنى عنه بالنفخ يشير الى أنه من نفس الرحمن ، فأنه بهذا النفس الذي هو النفخة ظهر عينه ، و بأستعداد المنفوخ فيه كان الأشتعال نارا لا نورا ، فبطن نفس الحق فيما كان به الأنسان انسانا.
ثم اشتق له شخصا على صورته سماها امرأة ، فظهرت بصورته فحن أليها حنين الشيء الى نفسه و حنت أيه حنين الشيء الى وطنه.
حبب أليه النساء ، فأن الله أحب من خلقه على صورته و أسجد له ملائكته النوريين على عظم قدرهم و منزلتهم و علو نشاتهم الطبيعية . فمن هناك و قعت المناسبة.
و الصورة أعظم مناسبة و أجلها و أكملها : فأنها زوج أي شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا.
فظهرت الثلاثة : حق ورجل و امرأة ، فحن الرجل الى ربه الذي هو أصله حنين المرأة أليه. فحبب اليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته.
فما وقع الحب الا لمن تكون عنه ، وقد كان حبه لمن تكون منه و هو الحق.
فلهذا قال : - حبب ألي- و لم يقل أحببت من نفسه لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لأمرأته ، فأنه أحبها بحب الله أياه تخلقا ألهيا.
ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة فلم يكن في صورة النشاة العنصرية أعظم و صلة من النكاح ، و لهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها ، ولذلك أمر بالأغتسال منه ، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة.
فأن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره. فطهره بالغسل ليرجع بالنظر اليه فيمن فني فيه ، أذ لا يكون الا بذلك.
فأذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل ، وأذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل.
و أذا شاهده في نفسه من غير أستحضار صورة ما تكون عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة.
فشهود للحق في المرأة أتم و أكمل ، لأنه يشاهد الحق من حيث أنه فاعل منفعل ، ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة.
فلهذا أحب صلى الله عليه وسلم النساء لكمال شهود الحق فيهن ، أذ شاهد الحق مجردا عن المواد أبدا.فأن الله بالذات غني عن العالمين.
فأذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا ، ولم تكن الشهادة الا في مادة ، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله.
وأعظم الوصلة النكاح وهو نظير التوجه الألهي على من خلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه صورته بل نفسه فسواه فعدله و نفخ فيه من روحه الذي هو نفسه ، فظاهره خلق و باطنه حق.
ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل ، فأنه تعالى قال يدبر الأمر من السماء) وهو العلو (الى الأرض) وهو أسفل السافلين ، لأنها أسفل الأركان.
وسماهن بالنساء وهو جمع لا واحد له من لفظه، و لذلك قال صلى الله عليه وسلم حبب ألي من دنياكم ثلاث: النساء) و لم يقل المرأة.
فراعى تأخرهن في الوجود عنه ، فأن النسأة هي التأخير قال تعالى : ( أنما النسئ زيادة في الكفر ) التوبة آ 37 و البيع بنسيئة يقول بتأخير. فلذالك ذكر النساء.
فما أحبهن الا بالمرتبة و أنهم محل الأنفعال ، فهن له كالطبيعة للحق التي فتح فيها صور العالم بالتوجه الأرادي و الأمر الألهي الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية ، وهمة في عالم الأرواح النورية ، و ترتيب مقدمات في المعاني للأنتاج. وكل ذالك نكاح الفردية الأولى في كل وجه من هذه الوجوه.
فمن أحب النساء على هذا الحد فهو حب ألهي ، ومن أحبهن على جهة الشهوة الطبيعية خاصة نقصه علم هذه الشهوة ، فكان صورة بلا روح عنده ، وأن كانت تلك الصورة في نفس الأمر ذات روح و لكنها غير مشهودة.
لمن جاء أمرأته أو أنثى حيث كانت لمجرد الألتذاذ و لكن لا يدري لمن فجهل من نفسه ما يجهل الغير منه مالم يسمه بلسانه حتى يعلم كما قال بعضهم :
صح عند الناس اني عاشق .......غير أن لم يعرفوا عشقي لمن.
كذلك هذا أحب الألتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة ولكن غاب عن روح المسألة فلو علمها لعلم بمن التذ ومن التذ . وكان كاملا.
وكما نزلت المرأة عن درجة الرجل بقوله : ( وللرجال عليهن درجة) البقرة ى 228 ، نزل المخلوق على الصورة عن درجة من أنشأه على صورته مع كونه على صورته.
فبتلك الدرجة التي تميز بها عنه ، بها كان غنيا عن العالمين و فاعلا أولا ، فأن الصورة فاعل ثان.
فما له الأولية التي للحق ، فتميزت الأعيان بالمراتب: فأعطى كل ذي حق حقه كل عارف.
فلهذا كان حب النساء لمحمد صلى الله عليه وسلم عن تحبب ألهي و أن الله تعالى أعطى كل ذي شيء خلقه) سورة طه آ 50 وهو عين حقه.
فما أعطاه الا بالإستحقاق أستحقه بمسماه ، أي بذات ذلك المستحق.
وأنما قدم النساء لأنهن محل الأنفعال ، كما تقدمت الطبيعة على من وجد منها بالصورة.
و ليست الطبيعة على الحقيقة الا النفس الرحماني ، فأنه فيه انتفخت صور العالم أعلاه و أسفله لسريان النفخة في الجوهر.....في عالم الأجرام خاصة.
وأما سريانها لوجود الأرواح النورية و الأعراض فذلك سريان آخر.
ثم أنه صلى الله عليه وسلم غلب في هذا الخبر التأنيث على التذكير لأنه قصد التهمم بالنساء فقال ك- ثلاث - ولم يقل - ثلاثة - بالهاء الذي هو لعدد الذكران، أذ همه فيها.
ذكر الطيب وهو مذكر.وعادة العرب أن تغلب التذكير على التأنيث قتقول :- الفواطم و زيد خرجوا- و لا تقول خرجن. فغلبوا التذكير و أن كان واحدا على التأنيث و أن كن جماعة ، وهو عربي صلى الله عليه وسلم فراعى المعنى الذي قصد به في التحبب ما لم يكن يؤثر حبه.
فعلمه الله ما لم يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما. فغلب التأنيث على التذكير بقوله : ثلاث -، بغير هاء فما أعلمه صلى الله عليه وسلم بالحقائق ، وما أشد رعايته للحقوق!.
ثم انه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث و أدرج بينهما التذكير ، فبدا بالنساء و ختم بالصلاة و كلتاهما تأنيث.و الطيب بينهما كهو في وجوده ، فأن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها و بين أمرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين : تأنيث ذات ، وتأنيث حقيقي . كذلك النساء تأنيث حقيقي و الصلاة تأنيث غير حقيق و الطيب مذكر بينهما كآدم عليه السلام بين ذات الموجود و بين حواء الموجودة منه ، وأن شئت قلت الصفة فمؤنثة ايضا ، وأن شئت قلت القدرة فمؤنثة ايضا ، فكن على أي مذهب شئت ، فأنك لا تجد الا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم و العلة مؤنثة.
وأما حكمة الطيب و جعله بعد النساء لما في النساء من روائح التكوين ، فأنه أطيب الطيب عناق الحبيب. كذا قالوا في المثل السائر.
ولما خلق عبدا بالأصالة لم يرفع رأسه قط في السيادة ، بل لم يزل ساجدا و اقفا مع كونه منفعلا حتى كون الله عنه ما كون. فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة. فحبب أليه الطيب : فلذلك جعله بعد النساء.
فراعى الدرجات التي للحق في قوله : ( رفيع الدرجات ذو العرش) غافر آ 15 ، لأستوائه عليه بأسم الرحمن.
فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الألهية : وهو قوله تعالى و رحمتي و سعت كل شيء) الأعراف آ 156 و العرش وسع كل شيء.
والمستوي الرحمن فبحقيقته يكون سريان الرحمة في العالم كما قد بيناه في غير موضع من هذا الكتاب ومن الفتوح المكي.
وقد جعل الطيب في هذا الألتحام النكاحي في براءة عائشة رضي الله عنها : ( الخبيثاث للخبيثين و الخبيثون للخبيثاث و الطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات اولئك مبرءون مما عملوا) النور آ 26.
فجعل روائحهم طيبة و أقوالهم صادقة لأن القول نفس ، وهو عين الرائحة فيخرج بالطيب و الخبيث على حسب ما يظهر في صورة النطق.
فمن حيث انه ألهي بالأصالة كله طيب: فهو طيب. ومن حيث ما يحمد و يذم فهو طيب و خبيث.
فقال في خبث الثوم هي شجرة اكره ريحها و لم يقل أكرهها. فالعين لا تكره ، وأنما يكره ما يظهر منها.والكراهة لذلك أما عرفا أو بعدم ملائمة طبع أو غرض أو شرع ،أو نقص عن كمال مطلوب وما ثم غير ما ذكرناه.
ولما انقسم الأمر الى خبيث و طيب كما قررناه ، حبب أليه الطيب دون الخبيث ووصف الملائكة بانها تتأذى بالروائح الخبيثة لما في هذه النشاة العنصرية من التعفين فأنه مخلوق من صلصال من حمأ مسنون أي متغير الريح ، فتكرهه الملائكة بالذات.كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد وهي الروائح الطيبة. فليس ريح الورد عند الجعل بريح طيبة. ومن كان على مثل هذا المزاج معنى و صورة أضر بالحق أذا سمعه و سر بالباطل ، وهو قوله: ( والذين يؤمنون بالباطل و كفروا بالله ) ووصفهم بالخسران فقال : ( أولئك هم الخسرون)العنكبوت آ 52، ( الذين خسروا أنفسهم) الأنعام آ 12 ، فأنه من لم يدرك الطيب من الخبيث فلا أدراك له.
فما حبب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الا الطيب من كل شيء وما ثمة ألا هو ، وهل يتصور أن يكون في العالم مزاج لا يجد الطيب من كل شيء و لا يعرف الخبيث أم لا ؟ ، قلنا هذا لا يكون : فأنا وجدناه في الأصل الذي ظهر منه العالم وهو الحق، فوجدناه يكره و يحب ، و ليس الخبيث الا ما يكره و الطيب الا ما يحب.
والعالم على صورة الحق و الأنسان على الصورتين فلا يكون ثمة مزاج لا يدرك الا الأمر الواحد من كل شيء ، بل ثمة مزاج يدرك الطيب من الخبيث ، مع علمه بأنه خبيث بالذوق طيب بغير الذوق ، فيشغله أدراك الطيب عن الأحساس بخبثه.
هذا قد يكون.وأما رفع الخبيث من العالم أي من الكون فأنه لا يصح.
و رحمة الله في الخبيث و الطيب .والخبيث عند نفسه طيب و الطيب عنده خبيث. فما ثمة شيء طيب الا وهو من وجه في حق مزاج ما خبيث.وكذلك بالعكس.
وأما الثالث الذي به كملت الفردية فالصلاة.).شرح الجامي ص 505الى 525
من خلال ما نقرأ في هذا الجزء الأول من الفص المحمدي ، يبدو للمتوجه لله تعالى المصدق لفهوم الكلام الرباني أنه كلام منطقي مقبول ، لقابلية المتلقي في قبول الحق من فم قائليه ، لكنك لا تتقبل ما يفهمه الآخرون في الفص كقول ابن عربي رحمه الله ......و أول الأفراد الثلاثة ، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فأنها عنها) ، فهل يقبل منك أن مع الله رجل و أمرأة، وأن كان ممن خلقهما الله تعالى و نفخ فيه من روحه ، ثم قوله رضي الله عنه :...(فظهرت الثلاثة : حق ورجل و امرأة ، فحن الرجل الى ربه الذي هو أصله حنين المرأة أليه. فحبب اليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته.)....
بمجرد ما يقرأ الفقيه المتضلع في العلوم هذه العبارة يجد نفسه في شبهة : التثليث المسيحي.
وفي المقولة الأولى : الشرك.
شبهة الشرك ، كيف يشرك الولي رضي الله عنه ، الله مع عبديه الرجل و المرأة.
ما ذا أراد الولي في كلامه : ايبلغ عن العلاقة بين العبد و ربه ؟ أم ماذا علاقة تجلي و استواء أم أرادة و قهر و جبروت.؟.
الفص في شقه الأول يتحدث عن فهم لأبن عربي رضي الله عنه : الطيب و النساء ، والنشأة والتكوين ، وصورة العبد ، ونفخ الرب، ومعان أخرى .
فهم هذا الفص يتطلب منا فهم أشكالية عميقة في الصراع الحنبلي الحاتمي أن صح التعبير ، مسألة الحقيقة المحمدية ، أو الحقائق المحمدية.
يضع المصنفون الباحثون في الموضوع ، أن الله خلق سيدنا محمدا باطنا قبل الكون ، فكان في علم الله الأزلي سبب نشاة العالم و ممده و حقيقته فلا تعلو عل حقيقته أية حقيقة.
بحسب ابن عربي رضي الله عنه : يتحدث في كتابه الفتوحات عن دورات الفلك و الملك.
ما يقصد بها ؟.
أن الله مهد للحقيقة المحمدية فلكها الآدمي في مراتبها المتعددة بحسب دورات الزمان بأرسال الرسل عليهم السلام حتى بلوغ زمن عيسى عليه السلام فكانت دورة الفلك الممهدة للسيادة و الملك وهي سيادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
دورات فلكية( بضم الفاء) عبر الزمان ، خلق آدم عليه السلام ، ثم نبوة سيدنا أبراهيم صلى الله عليه وسلم ونوح وموسى وعيسى عليهم السلام ، من أولى العزم تخللتها نسمات تجديدية في نبوءات عدة ذكرها الله تعالى في القرآن ، ومنها استاثر بها في علمه.
ثم كان زمن الفترة هيئت النفوس و العقول و القلوب للرشحة الخاتمية المتجلية في ظهوره جسدا و روحا في عالمنا نحن.
فكان الباطن في أوليته و الظاهر في آخريته و برزخيته الى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
هذا ما فهمت من دورة الملك و الفلك في الفتوح المكي.
وميزان التجديد يتجدد في زمن الأنبياء قبل زمن الفترة بالأنبياء عليهم السلام ، وبعذ غياب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالأولياء الكمل بمختلف مراتبهم.
هذا ميزان التجديد.
وعليه ما هي الحقيقة المحمدية ؟
(الموضوع له بقية)
.