اعلم : أن شهر ذي الحجة شهر مُعظم حَرام ، وفيه الحج الذي هو ركن من أركان الإسلام ، شهر مُعظمةٌ حُرماته ، موفورةٌ خيراته ، تُستجابُ فيه الدعوات ، وتُقضى فيه الحاجات ، وفيه الليالي العشر التي أقسم الله تعالى بِها في كتابه الكريم بِقوله والفجر ، وليالٍ عشر فياله من قسَمٌ عظيم .
فيُسن : فيها الصوم ، لِما ورد في الحديث ( كان رسول الله : يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر ، أول اثنين من الشهر والخميس ) أخرجه أبو داوود في باب صوم العشر .
واختلف العلماء في المُراد بالفجر وبالعشر : فقيل المُراد بالفجـر :
1 ـ فجر كل يوم ، واقتصر عليه الجلال السيوطي رحمه الله تعالى في تفسيره .
2 ـ فجر أول يوم من المُحَرم ، لأنه منه السَّنة . 3 ـ فجر أول يوم النَّحر ، لأن فيه أكثر مناسك الحج وفيه القُربات .
4 ـ فجر أول يوم من ذي الحجة ، لأنه قُرِن به الليالي العشر . 5 ـ فجر يوم عرفة ، وهذا قول الأكثر .
والمُراد بالليالي العشـر :
1 ـ عشر ذي الحجة ، وعليه اقتصر الحافظ السيوطي رحمه الله في تفسيره .
2 ـ وقيل : هي العشر الأواخر من رمضان . 3 ـ وقيل : العشر الأول من المُحرم .
والقول الأول قول الأكثر ، وهو : أنه عشر ذي الحجة ، وهو المشهور الصحيح ، لأن فيه يوم التَّرويه ويوم عرفة ويوم النَّحر ، وفي الحديث ( ما من أيَّام أفضل عند الله من عشر ذي الحِجة ، ولا ليال أفضل من لياليهن )
وهو خاتم الأشهر المعلومات المذكور في قوله تعالى الحج أشهرٌ معلومات وهي : شوال ــ ذو القعدة ــ عشرذي الحجة ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ( ما من أيام أفضل عند الله تعالى من هذه الأيام أيام العشر ، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير ، فإنَّها أيام تَهليل وتكبير وذِكر الله عز وجل ، وأن صيام يوم فيها يعدل صيام سَنة ، والعمل فيهن يُضاعف بسبعمائة ) إلى غير ذلك من الأحاديث في مثل ذلك .
وجاء أنه يُستجاب في هذه العشر الدعاء ، كما رُوي عن أبي موسى الأشعري : أن الأيام المـعلومات هي تسع ذي الحجة غير يوم النحر ، وأنه لا يُردُّ فيهن الدعاء .
ومما يطلب أن يقرأ كل يوم من غشر ذي الحجة 3 مرات مساء أو صباحاً
( لا إله إلا الله عدد الليالي والدهور ، لا إله إلا الله عدد الأيام والشهور ، لا إله إلا الله عدد أمواجِ البُحور ، لا إله إلا الله عدد أضعاف الأُجور ، لا إله إلا الله عدد القطر والمطر ، لا إله إلا الله عدد أوراق الشجر ، لا إله إلا الله عدد الشعر والوَبَر ، لا إله إلا الله عدد الرمل والحجر ، لا إله إلا الله عدد الزهر والثمر ، لا إله إلا الله عدد أنفاس البشر ، لا إله إلا الله عدد لمْحِ العُيون ، لا إله إلا الله عدد ما كان وما يكون ، لا إله إلا الله تعالى عمَّا يُشرِكون ، لا إله إلا الله خير مِمَّا يَجمعون ، لا إله إلا الله في الليلِ إذا عَسعَس ، لا إله إلا الله في الصُّبحِ إذا تنفَّس ، لا إله إلا الله عدد الرياح في البراري والصُّخور ، لا إله إلا الله من يومنا هذا إلى يوم يُنفخ في الصُّور ، لا إله إلا الله عدد خلقه أجمعين ، لا إله إلا الله من يومنا هذا إلى يوم الدِّين ) انتهى .
( اللهم صل وسلم على سيدنا محمد : ما اتصلت العيون بالنَّظر ، وتزخرفت الأَرضون بالمطر ، وحج حاجٌ واعتمر ، ولبى وحلق ونَحر ، وطاف بالبيت العتيق وقبَّل الحجر ، وعل آله وصحبه وسلم ) ( 3 مرات )
عمل وأذكار يوم عرفة
يُستحب : صيام يوم عرفة لِغير الحاج ، لقول النبي ( صيام يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومُستقبلة ) رواه الجماعة سِوى البخاري والترمذي عن أبي قتادة .
( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له المُلك وله الحمد ، وهو على كل شئ قدير ) 1000 مرة
لِما ورد في الأحاديث أن ذلك يعدل عِتق عشر رقاب ، ولِما رواه الإمام الترمذي وغيره عن رسول الله أنه قال( أفضل الدعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قُلت أنا النبيون من قبلي ( لا إله إلا الله وحده لا شريك ، له المُلك وله الحمد ، وهو على كل شئ قدير ) .
قِراءة ( قل هو الله أحد ) 1000 مرة ، ففي كتاب الدعوات لِلمُستـغفري ، من حديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ( من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة يوم عرفة أُعطيَ ما سأل ) .
يُكثر من التسبيح والتهليل ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ) 1000 مرة .
ويُكثر من الصلاة على النبي ، ولتُقرأ سورة ( الحشر ) وسورة ( يـس ) .
ويُسـن : الاغتسال يوم عرفة ، وكثرة الدعاء والتضرع بالخُشوع والافتقار ، وأن يُلِّح في الدعاء برجاء كبير مع اليقين في قبوله ، ويفتتح دعائه بالحمد والصلاة على النبي .
وليأتِ بِهذا الدعاء النبوي : ( اللهم : لك الحمد كالذي نقول وخيراً مِما نقول ، اللهم : لك صلاتي ونُسكي ومَحيايَ ومَماتي ، وإليك مآبي ، ولك ربي تُراثي ، اللهم : إني أعوذ بك من عذاب القبر ، ووسوسة الصدر ، وشتات الأمر ، اللهم : إني أعوذ بك من شر ما تَجيء به الريح ) .
تمَّ نقل ذلك : من كتاب ( كنـز النجاح والسرور ) للشيخ عبد الحميد قدَس من عُلماء المسجد الحرام ، وكتاب ( حِزب الفتح الكبير ) للإمام الحبْشـي نفعـنا [/color]الله به .[/size]