غوص في غيابات جب صلاة المتردي
ومزج لؤلؤ المعرفة
بـمرجان التحقيق
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. أقول بفضلٍ من الله, ومن مددِ, من وجد من مقتضيين واتصف بصفتين, وسمي بإسمين, فكانت له وجهتين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا أحمد,بقدر ما قامت,وما تـقوم به الصلاة على سيدنا ومولانا محمد ,فالموصوف على قدر الصفة,لأ نها له,وهو لها.ألا ترى حين جرته إلى وكرها في المعراج ,صارت هي هو, وهو هي. ففرضت الصلاة ,عليه منه ,به فيه. فهو المتردي بأردية الكبرياء ,المؤتزر بالعظموتية,والمتعمم بالرَّحَموتية ,فنصب له كرسي الخلافة الكونية ,ولبس حلل الاسماء الإلهية,وأخد له الميثاق من جميع الانبياء ,وأسري به ليلا على البراق,وجبريل عند سدرة المنتهى واقف, تفاديا للإحتراق. فوضع له بساط الوصال
" فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْأَدْنَى" بدون إتصال ولا انفصال " فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ".فهو إمام الانبياء, والأمانة التي عرضت على الأرض والسماء .فهو صلى الله عليه به ,برزخ اللاهوت,وكهف الناسوت,الإمام المتبوع ,والذكر المرفوع,والواسطة المسموع .النور الكلي المرسل بأشعة الفردانية ,فصلى عليه الله, وأمر بالصلاة عليه كل الدوائر العلوية والسفلية ,ولم يناديه إلا بصفات حقيقته المحمدية ,لأن المرسل رحمة للعالمين هي الصفة النبوية,كانت قبل الزمان " قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ" وهي الناسخة لما سبق من الأديان" وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ".وقبل المكان" لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ " فقامت في حجب الهوية بالعبادات السماوية .فلها الأولية لأنها الروح الكلية . ولها الختمية لأنها مكلفة بالمراقبة الكونية . فالانبياء نوابه, والأولياء خلافه, والكون ظله. فتلى من منبر أحمديته " هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي " " هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى " فَلُـثِّم بمعاني عظمة سردقات غيب الهوية ,لأنه من مقتضى الأحدية .والهيكل الشريف من الاسماء التشاجرية "كلكم من آدم,وآدم من تراب" ليس له فيء منظور ,وخَلف حجاب " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " مستور.فجهلته كل العوالم وبقيت سُكارى حَيارى" َلعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ " يتحيرون في معرفتك ويتساءلون عن هويتك " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي " فأنت من أمره ,وقبضة من نوره ,فُصِّلت بك سور فرقانه وطُلْسِمْتَ في آيات كتابه " حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ " فلك عالم الظهور ,جهلك الصافون والمسبحون وفرسان المعرفة الآحاديون ,والخلائق أجمعون" وَجَرَيْنَ بِهِم " إلى وحدة في عين الكثرة,وكثرة في عين الوحدة .فكانت الحقيقة المحمدية محمدا في مقام الكثرة والوحدة .فزاد ذهلهم ,وظهر لعقول الهياكل أن الشيء مخالف, وللمنطق متالف .وليس إلا ما أرده الحق للخلق وبالخلق .فمنهم من ظن وحدة الوجود ومن قائل بل شهود سريان حقيقته في الوجود وقال قائِلٌ :
أراه في نفسي و هيكلي و قالبي متمثلا فكد ت أقول أنا هو.
كاد يبوح بسرها فصمت ,ويفشي أمرها فكتم , " إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً " بحر بلا ساحل" فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ" .وكلمة التوحيد إنما هي لتوحيد الواحد بوحدته التي هي له من دون كثرة. فلو كان اسم محمد خلاف تلك الوحدة لما ساغ قِرَا نُـه بإسم الجلالة (الله) في كلمة التوحيد لوجود الغيرية.و لكانت هناك واو عطفية بينهما "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ,فكان شطرا في التوحيد, فالتحف بوحدات الذات. فحين إنطباعك(يا الله) فيك يكون هو هو, لا أنت أنت, وحين انبساطك عليه تكون أنت أنت لا هو هو. "خيركم من إذا رُؤِيَ ذُكر الله".فأُعطَى مالم يُعْطاه غيره من أهل الأرض والسَّماوات "وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِيَ أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي. " من رأني فقد رأى الحق" ,لأنه ليس ثَمَّ من يذكر الله بمجرد نظر الرائي إليه إلا من أنزله الله منزلته, وأقامه مقامه " إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ" قأثبت له المرتبة,وبالتالي استوى بقِدَمِ الأحدية على عرش الصفات, فكان سدرة منتهى الغايات ,ورفع الدرجات,ونهاية سير المخلوقات ,فأثنى عليه في مهامه الغارات على تربيته لكل الكائنات,حتى صارت لربها ساجدة وبه عارفة, وله مسبحة وفي الحقيقة سابحة ,ومن مقام الاحسان مرتشفة,ولسلطان شريعة التجليات خاضعة " مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" إنك يا محمد على صراط مستقيم ,ثناء منه إليه وبه عليه " وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ" بلسان جمع الجمع, على خط قوس لسان الترجمان الأزلي المحمدي, بمحو الذات ,بالذات ,للذات في الذات, حيث ليس إلا المخاطِب الأول والمخاطَب الأول .الحمد لله قبل القبل, بلسان جمع الجمع, الحمد لله لما فوق بساط الاصطحاب.رب العالمين لأنه مربيهم ,ومعرفهم بخالقهم, ومعلمهم عبادة ربهم,من يوم " َألَسْتُ بِرَبِّكمْ " . "قَالُواْ بَلَى " "يا أيها الناس إنكم لا تدعون أصما ولا غائبا إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم " )ابو داوود(.لأنه قام بكل ما هو مسطر في عالم الحكم الرحماني ولأنه الخليفة على الكون الإلهي " إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً " .فهو العارف المعَرِّف المـُعَرَّف ,وقائد الكون,والشاهد عليه و شفيعه,فسِرُّ الربوبية ظهر به وفيه ومنه. الرحمن الرحيم لأنه الرحمة المهداة " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ, " و " بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ". ملك يوم الدين , أخبرنا أنه صاحب النبوة قبل وجود الأنبياء الذين هم نوابه في هذه الدنيا . فثبتت له السيادة في الدنيا بكل وجه ومعنى ,ثم أثبت السيادة له على سائر الناس يوم القيامة بفتحه باب الشفاعة , ألا ترى إلى أبي البشر آدم,وأبي الانبياء ابراهيم يحتاجونه في ذلك الموقف,فهو مَلكنا ومالكنا " قل ياعبادي "عبادة إمتنان,وكيف لاوهوصلى الله عليه,مربينا, ومعرفنا بخالقنا, وشفيعنا.فالكل منه يستمد,وعلى شفاعته يعتمد, لأنه خط دائرة الوجود ,له وجهة حقية ,ووجهة خلقية, فهو برزخ بين الربوبية والمربوبية, وواسطة في كل الشؤون الحسية والمعنوية ,وهو شعلة الدوائر الكونية ,ونقطة بروز المقتضيات القرءانية ,به بانت الرُّتَب, وعُرِفت النِّسَب ,برزخ عظيم ,وفاتحة التجليات والفيوضات الإلهية.فصار دفتر المثاني لأنه ما من شئ في الوجود إلا هو من مقتضيات الكتاب الذي هو فهرست الكون الإلهي ,ومحمد هو اللوح المحفوظ فَخُلقه, وصفته القرءان وهو المثاني لما في الربوبية والعبودية من المعاني,فالطرف الحقي بالحقائق الإلهية منوط .والطرف الخلقي بالحقائق الوجودية مربوط. فهو العقل الأول الذي ارتقت فيه جميع الاسرار والعلوم, والقلم النوراني الذي سُطر بمداده جميع الاقدار والفهوم ,وكتب به الرحمان على كل ذرة ,جميع ما يظهر عليها مما كان أو يكون, إذ منه غرفت الأرواح ,ومنه استمدت الأشباح .وهو اللوح المحفوظ الذي انطوى على كل سر مكتوم ,وأمر معلوم, وقضاء محتوم. العلوم كلها قطرة في بحره,والحِكمة ضَغْمَةٌ في إبَطِّه ,والاسرار حفنة من يـَمِّه, والازمان كلها ساعة من دهره. فاستحق أن يكون واسطة الأزل الذي كان, وما زال ولم يزل, قهرمان العروج والعطاءات في ما علا ونزل, الذي بما تلاقاه منه جبريل إليه به نزل" وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ" فَكَلَّمنا الله من وراء حجاب برزخيته " فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ "
" إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ" كما كلم موسى عليه السلام من حجاب النار, والشجرة, وشاطئ الوادي الايمن ,وجانب الطور الايمن, وفي البقعة المباركة .وجوه لعملة واحدة .قول عبد حقاني "وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ" ,"وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ" فهو عبد حقاني, لاهوتي, تلثم ببراقع العبدية ,وتستر بالبشرية, وتـمنطق بالوحي. "وَماأَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّاإِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ" .إلا أنت. فأكله وشربه وتزويجه النساء تشريع لنا فكيف لايكون عبدا منفردا ب" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ" .هو من مقتضيين,لبس حلل الأسماء والصفات الإلهية,وتعمم بتاج الخلافة الكونية "من رآني فقد رآى الحق",ولا يقوم مقام الحق إلا الحق. وللخليفة الظهور بصورة المستخلف. فَنُعِت بالأَحِدي الثاني, فكان أول العابدين ,وتُلِـيَّ القرءان عليه من لوح احمديته على محمديته بلسان الجمع في حضرة جمع جمعه " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ " كذلك . "وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ" منه إليه . هيهات هيها وما يعقلها إلا العالمون وآله وصحبه وسلم .
رموز وأسرار لا تلحقها الخواطر والافكار" وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ".هيهات هيهات,فعلوم الوهب غير خاضعة للمنطق والعقل ,ولكن تعرف ذوقا ,والتصوف يعبر عن البعد الباطني للاسلام ,إنه ليس مجرد حركات يقوم بها الإنسان 5 مرات في اليوم ,وصوم, وزكاة, وطواف وسعي .إنه سبيل إلى معرفة الله ,وإلى معرفة مولانا رسول الله."ياعمر ها هنا ينبغي أن تسكب العبرات "{ ابن ماجة و ابن حبان}. فمعرفة الله ومعرفة رسوله,تعدان عند الصوفي أطيب شيء يتذوق في الحياة الدنيا,هي الجنة في الدنيا,وعليه فلا حياة على الحقيقة إلا لأهل المعرفة, فهم الاحياء بحياة معروفهم (محمد رسول الله). والوصول إلى الله لايكون إلا بالنبي والنبي لا يعرف إلا بالوارث المحمدي .والأبوة قسمان :أب روحي, وأب جسماني ,فلوكانت السعادة تحصل بالأب الجسماني لسعد بها اليهود والنصارى. والأب الروحاني الأكبر على الكون الالهي هي نبوة مولانا رسول الله .وقد جعل الله تعالى لكل زمان رجال, ولكل علوم أبطال ,حياتهم مصدر إشعاع روحي وأذواقهم منهل عذب للمعرفة, والحكمة, والعلوم اللدنية, بهم يجدد الله الدين, وصدق الله تعالى حين قال " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ" وقال رسول الله " لكل قرن من أمتي سابقون ".يستوحي منهم المريد الصادق التوحيد الخالص والمعاني السامية, هم شيوخ التربية, العارفون بالله وبرسوله .فمن عرفهم أصاب المطلوب, وظفر بالمحبوب, وأصلح مضغة القلوب .فالعقلاء يطلبون الوارث ويحتاجون إليه بالضرورة ,وضل من كانت العُميان تهديه. ولا يعرف صاحب الإذن المحمدي ,حتى نرى ثمرة الإتباع ونتائج الصحبة, وآثار المعرفة, وبذور التحقيق, ظاهرة على أتباعه. فالحمد لله الذي هدانا,وأظفرنا, وعرَّفنا ,وحبب إلينا شيخا عارفا غارفا كاملا سلك الطريق, وملك أزمة التحقيق, عنده دين الانبياء وتدبير الأطباء وسياسة الملوك ,وحَقٌ أن يقال له الأستاذ ,وأن يقال لطريقته المعهد .
اللهم نفعنا بالعلم والعمل ,واعصمنا من الذنب الحقير ,والجلل وسد بلطفك مواقع الخلل ,واحفطنا من الزلل, وعز اللهم من ذل ,واهدي من ضل ,وشافي من اعتل, واجعلنا اللهم رحماء بيننا يرحم قوينا ضعيفنا, ويساعد كبيرنا صغيرنا ,إنك سميع مجيب.وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد.
غشت 2012 الموافق لرمضان 1433