اشجرة النسب تتوقف عند الجد الخامس والباقي في المخطوطات والكتب القديمة
جزائريون يبحثون عن نسبهم في الأرشيف التركي بإسطنبوللاستعمار الفرنسي طمس شجرة أنساب الجزائريين واستبدلها بألقاب مهينة
بوتفليقة من الأشراف الأدارسة وشجرة نسبه تنتهي عند الحسن بن فاطمة
يفتخر الكثير من الجزائريين بأنهم أشراف أو مرابطين، أو أنهم من نسل الحسن والحسين رضي الله عنهما، ومن نسل فاطمة رضي الله عنها ومن آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتباهون بأنهم عائلات شريفة أو مرابطة، ومصطلح "الأشراف" يطلق تقريبا في كل أنحاء الجزائر على عدة أسر وعائلات ذات أصول شريفة، تعود أصولها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وآل البيت وهم الحسن والحسين وفاطمة وعلي رضي الله عنهم.
وتحيط هذه العائلات نفسها وأفرادها بنوع مميز من القداسة والتبجيل حتى أصبح عامة الناس يحسبون أن المرابطين والأشراف معصومين عن الخطأ، ويعيبون عليهم أي زلة، ويترصدون لهم كل الزلات صغيرها وكبيرها، بينما الحقيقة أن فيهم السوي وفيهم العاصي وفيهم بشر يخطئون ويصيبون، عدا أنهم يتفاخرون بالألقاب والأنساب كونهم من ذرية الأشراف والمرابطين وأهل حسب ونسب، غير أنه مع مرور الوقت، تم تحريف مصطلح المرابطين، وعلقت به أمور خرافية منها أن دعواتهم مستجابة وأن كل من يحاول أذيتهم أو التعرض لهم بالسوء يصيبه مكروه وأنهم يمتازون بالرؤيا أثناء النوم وما يرونه يتحقق فعلا وما إلى ذلك.
غير أن العديد من الناس أصبحوا يتفاخرون مذكرين محدثيهم في كل مناسبة بأنهم مرابطين أو أشراف، وسواء كانوا كذلك أم لا، فإننا نتفاجأ في بعض الأشخاص الذين لا يعكسون "خير خلف لخير سلف".
.
أغلب أشراف الجزائر أدارسة
وفي هذا الخصوص أوضح الدكتور الباحث محمد بن بريكة البوزيدي الحسني المتخصص في الأبحاث الصوفية والأنساب الشريفة الحسينية ومؤسس الرابطة الجزائرية للزوايا في لقاء خاص مع "الشروق اليومي" أن أكثر الأشراف هم أشراف حسينيون في المغرب العربي بما في ذلك الجزائر، جاؤوا من سيدنا إدريس الأصغر الذي تركه إدريس الأكبر في بطن جارية بربرية، ويجب على الجميع أن يعلموا أنه ليس هارون الرشيد من أرسل السم لإدريس الأكبر في المغرب الأقصى ليقتله بل وزيره جعفر البرمكي، فعل ذلك دون علم هارون الرشيد، حيث أرسل له زبيبا مسموما، فمات عندما أكله، ونتيجة ذلك نجد أن العديد من عائلة الأشراف لا يأكلون الزبيب إلى يومنا هذا، ولا ينطقون لفظ "شكارة" لأن جعفر البرمكي أرسل له الزبيب داخل "شكارة".
وأكد بن بريكة أن "هجرة الأشراف من الحجاز إلى المغرب الأقصى بدأت بعد سنة 60 هجرية في خلافة يزيد بعد مقتل الحسين وتعرض السلالة النبوية للإضطهاد هناك".
.
بن بريكة يعتبر سبّ أفراد العائلات الشريفة والمرابطة ردّة
بينما ينتشر الحسينيون ـ حسب الدكتور بن بريكة ـ بدرجة أكثر في المشرق، وهذا لا يمنع من وجود أشراف حسينيين في المغرب العربي، والشرف الأخص الذي وضع علماء الأنساب كتبهم حوله، هو النسبة إلى آل البيت المرادين من قوله تعالى "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا"، وهذا النسب يضم الأربعة الذين أدخلهم صلى الله عليه وسلم تحت ردائه، وهم سيدنا علي، والسيدة فاطمة الزهراء، وسيدنا الحسن وسيدنا الحسين، ولهم أحكام تخصهم وتخص من تفرع عنهم إلى يوم القيامة، وهي حرمة الصدقة والزكاة فلا يأخذونها لأنهم منزهون عن أرجاس الدنيا، ولهم حقهم في الخمس من بيت مال المسلمين على سبيل العطاء، وتراعى حرمتهم في شؤون كثيرة، نخص منها الزواج مراعاة لحقه صلى الله عليه وسلم، فمثلا لا يمكن سب أصل الشخص الشريف لأن أصله هو رسول الله، باعتباره وسبّه يعتبر ردة، ولا شتمه ولا تقبيحه، وفي هذا قال صلى عليه وسلم "فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها".
.
الاستعمار الفرنسي طمس شجرة أنساب الجزائريين واستبدلها بالألقاب
قال محمد بن بريكة أو طبقة للأشراف هي طبقته صلى الله عليه وسلم والثابت أنها موصولة إلى سيدنا إسماعيل بن ابراهيم عليهما الصلاة والسلام، ويجب على كل مؤمن فضلا عن أبناء الشجرة الشريفة أن يحفظ بعضها أو كلها، أما الطبقة الثانية، فتعتبر الأولى حين نتكلم عن الأنساب الشريفة وهي إدريس الأزهر، ابن إدريس الأكبر، بني فاس، ابن عبد الله الكامل، ابن الحسن المثنى، ابن الحسن السبط، ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والطبقة الثالثة هي طبقة الأشراف الحسينيين وتبدأ من ذرية سيدنا إدريس الأصغر إلى غاية القرن الثامن عشر، وهي الفروع الشريفة المنتشرة في المغرب الإسلامي كله، ويطلق في العادة على أبنائها لقب مولاي، كما يطلق لفظ السيد في المشرق، لقوله عليه الصلاة والسلام "من كنت مولاه فعلي مولاه ومن كنت سيده فعلي سيده"، فلفظ المرابط أو الشريف أو السيد أو المولى كلها تعبر عن الأشراف، والطبقة الرابعة والأخيرة تمتد من الاستعمار إلى اليوم، وسبب تأريخها بالاستعمار يعود إلى كون الإستعمار الفرنسي حاول طمس أنساب الجزائريين واستبدلها بالألقاب، خاصة وأن طبيعة الإستعمار الفرنسي ثقافية بخلاف الإستعمار الإنجليزي أو غيرهما.
.
جزائريون يجهلون نسبهم ولا يعلمون إن كانوا أشرافا أم عثمانيين أو بربرا
ويجهل بعض الأشراف إلى اليوم أو البكريين أو العوماريين أو العثمانيين أنسابهم، إلا في البيئات العلمية المغلقة التي كانت حواضر علمية على مر العصور مثل بلاد توات بالصحراء أي أدرار وما جاورها، فلأهلها اشتغال بالأنساب الشريفة وغير الشريفة ومثل تلمسان والمدية وقسنطينة والجزائر العاصمة، حيث فيهم اشتغال بعلم الأنساب.
وقال بن بريكة "لقد اطلعنا مثلا على بعض شجرات الأنساب وعليها توقيعات علماء وقضاة الدولة العثمانية بالجزائر قبل دخول الإستعمار الفرنسي، كما يوجد في الأرشيف العثماني بأسطنبول بعض الأعمدة النسبية لعائلات جزائرية، ويمكن لأي جزائري لديه اهتمام بعلم الأنساب أن يتابع هذه الأعمدة انطلاقا من الجزائر، وذلك بضبط سبعة أجداد لربطها بالشجرة الأصلية الموجودة في الأرشيف التركي باسطنبول".
وأكد الدكتور بن بريكة أنه يعكف منذ 20 سنة على كتاب ضخم جدا في الأنساب الشريفة الحسنية وسيرى النور بعد سنة أو سنتين من الآنـ وقد استغرقت كل هذه المدة لأن الأمر يتعلق بذرية الحبيب المصطفى التي تعتبر أمانة وتترتب عليها أحكام ومعاملات فوجب التحري والضبط".
.
هؤلاء هم أشهر الأشراف الجزائريين
وقال محمد بن بريكة أن "من أشهر الأشراف الأولياء المعروفين في الجزائر "سيدي الخيّر في سطيف، سيدي الهواري في وهران، سيدي بلعباس، وسيدي بوزيد بن علي، وسيدي نايل بالجلفة، وسيدي بلقايد بتلمسان وبلاد القبائل، وسيدي محمد بن عبد الرحمن المشهور ببوقبرين، حيث له مدفننان احدهما ببلوزداد بالجزائر العاصمة والثاني ببونوح بتيزي وزو، وسيدي يحيى، وسيدي أحمد بن يوسف الراشدي بخميس مليانة، وتلميذه سيدي احمد بن موسى دفين كرزاز بولاية تبسة وسيدي أبو مروان الشريف بعنابة، وسيدي جميل بعنابة، وذرية سيدي احمد التيجاني المدفون في حي فاس، في حين توجد ذريته بضواحي الأغواط، وذرية سيدي عيسى بن عبد الرحمن دفين الأرهاط بولاية تيبازة، وسيدي محمد الزردالي الذي اشتق إسم مدينة زرالدة من إسمه لأنه كان سببا في بنائها، وتوجد ذريته هناك، وسيدي مرزوق الذي تنسب إليه مقبرة بن عكنون الشهيرة وذرية سيدي احمد بن بلقاسم الهاملي مؤسسة زاوية سيدي الهامل المشهورة ببوسعادة وهم أشراف معروفون من البوازيد"...إلخ من الأشراف الجزائريين".
.
الزوايا تحتفظ بشجرات الأنساب الشريفة
وأكد الدكتور بن بريكة أنه على كل من يريد البحث عن نسبه أن يصل إلى الجد الكبير الذي ينسب إليه سواء المدون في سجلات الحالة المدنية في بلديته الأصلية أو المتواتر، وأكثر الزوايا الجزائرية تحتفظ بشجرات الأنساب الشريفة وبعض الشجرات المنسوبة إلى الخلفاء أو الصحابة أو غيرهم.
وعن التقديس المبالغ في لعائلات الأشراف والمرابطين قال بن بريكة أن "ما يعتقد الناس أنه مبالغة في تقديس عائلات الأشراف والمرابطين إنما هو في حقيقة الأمر تعظيم لجناب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى الشريف أن يتذكر دائما وأبدا أن الحسنة في الشريف أحسن والسيئة في الشريف أسوأ وان يتذكر دائنا قوله تعالى "إن أكرمكم عند الله اتقاكم"، وعليهم أن يعتبر النسب الشريف فضل من الله سبحانه وتعالي عليه بغير سابقة من العبد".
من جهته أوضح عمر بلقسام باحث في تاريخ أشراف الجزائر وصاحب كتاب "الرابطة الشريفية" وهو عضو الجمعية الوطنية للأشراف في الجزائر في تصريحات للشروق اليومي أن "المرابطين الأشراف هم ذرية بني هاشم، من الجزيرة العربية، ومنهم من هم من ذرية الرسول، أي من ذرية الحسن والحسين ومن هم من ينتسبون لذرية أبناء عم الرسول ومنهم جعفر ابن أبي طالب".
وأكد عمر بلقسام بدوره أن "أغلب الأشراف الجزائريين هم من سلالة إدريس إبن إدريس إبن عبد الله إبن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وابن مولاتنا فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله، فالجزائر يغلب فيها الأشراف الأدارسة".
وكشفت مصادر باحثة في علم الأنساب للشروق اليومي أن الرئيس بوتفليقة من الأشراف الأدريسيين وشجره نسبه تنتهي عند الحسن ابن علي وفاطمة رضي الله عنهما".
.
الاستعمار استحدث ألقابا عشوائية للكثير من الجزائريين وجردهم ابتداء من 1881
وقال بلقسام "أن معظم الجزائريين في عهد الإستعمار كانوا أميين ولم يهتموا بالحفاظ على ألقابهم وأسماء أجدادهم، كما أنه في تلك الفترة لم تكن هناك سجلات مدنية لتسجيل المواليد، والإستعمار الفرنسي شرع في جرد الجزائريين في سجلات الحالة المدنية، ابتداء من سنة 1891 لتسهيل المراقبة والحكم، وهنا استحدث الإستعمار ألقابا عشوائية للكثير من العائلات الجزائرية، ولم تبقى سوى عائلات قليلة التي حافظت على لقبها الأصلي، ونتيجة ذلك فإن أي شخص يريد البحث عن أصوله في أرشيف سجلات الحالة المدنية في بلديته الأصلية، سيكتشف بأن تلك السجلات أحدثت سنة 1890 ودونت على الأكثر خمسة أجيال أي أن أصول الشخص تتوقف عند سنة 1800، أي خمسة أجداد أي "أبو جد جدي" وفي حالات تصل إلى سنة 1790، أي "جد جد الجد"، وكثيرا ما تكون هناك فراغات، لكن تبقى المخطوطات الموجودة في المكتبة الوطنية الجزائرية والمخطوطات المنتشرة عبر الزوايا في الجزائر والكتب المؤلفة قديما وحديثا هي المصدر الوحيد الموجود لحد الآن لكل شخص أراد أن يعرف أصوله". وعن بعض فروع الأشراف في الجزائر قال بلقسام أن "الشجــرة الإدريسيـة الذين تفرعوا من ذرية إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وابن مولاتنا فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن اشتهر نسبهم وذاع صيتهم من الأشراف أبو بكر بن علي بن محمد الملقب حرمع بن عيسى بن سليمان الملقب سلام بن مزوار بن علي الملقب حيدره بن مولانا محمد بن الإمام إدريس باني فاس ودفينيها وخلف سبعة أولاد ومن فروعهم اولاد خريف، اولاد زروق، اولاد رحمون، اولاد ريسون، اولاد المؤذن، اولاد العربي، اولاد مورسو، اولاد الكلاح، اولاد بوعيشة، أما الذين تفرعوا من ذرية سليمان بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وابن مولاتنا فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله "، مستشهدا بقول الإمام السيوطي أن "مولانا سليمان قتل بفخ وخلف ولدا واحدا وهو محمد ومنه تفرعت أغصان هذه الشجرة وكل شريف حسني سليماني فهو من أولاد مولانا محمد بن سليمان