هذه ترجمة سيدي العارف بالله تعالى الشيخ صالح بن محمد الجعفري رضي الله عنه
جاء في كتاب مفتاح مفاتيح كنوز السموات والأرض...
تعريف بالعارف بالله سيدي الإمام الشيخ صالح الجعفري رضي الله عنه :
اعلم يا أخي المريد المحب أنه لا تكون القدوة والأسوة إلا بعد معرفة مقتدي به معرفة شاملة كاملة حتى يكون
الإقتداء به عن علم ومعرفة . فأول ما يجب على المريد معرفته أن يعرف شيخه معرفة شاملة وكاملة . يتحرى
فيها جوانب الإقتداء والأسوة . وبمعرفة شيخك حقيقة يكون الإتصال به . فالمعرفة تبعث الشوق لرؤيته ومشاهدته
ولهذا الغرض الأساسي في الطريق نحدثك قليلا عن شيخك في سيرته الذاتية .
تعريف :
فهو العارف بالله تعالى شيخ الطريقة ومعدن الحقيقة صاحب الأنوار الظاهرة والأسرار الباهرة . الإمام العامل
العالم الزاهد التقي النقي الصفي الوفي فضيلة الشيخ صالح بن محمد بن صالح بن محمد رفاعي الجعفري
الصادقي الحسيني الذي يتصل نسبه العالي بالإمام جعفر الصادق ابن سيدنا محمد الباقر بن سيدنا علي زين
العابدين بن سيدنا ومولانا الإمام الحسين رضي الله تعالى عنهم أجمعين .
ولادته :
ولد رضي الله عنه وأرضاه ببلدة ( دنقلا ) بالإقليم الشمالي بالسودان في اليوم الخامس عشر من جمادي الآخرة
سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة بعد الألف من التاريخ الهجري ( 1328 ) وأسرته الكريمة اشتهرت بالكرم والتقوى
والصلاح ومدارسة القرآن الكريم . فقد أسس جده الشيخ صالح محمد رفاعي الذي وفد لمصر خلوة لتحفيظ القرآن
تلقى على يديه فيها الكثير من الحفاظ .
تلقيه العلم :
ولقد حفظ الشيخ رضي الله عنه وأرضاه القرآن الكريم من تلاميذ جده وجوده وأتقنه في المسجد ـ دنقلا ـ العتيق
المشهور بمسجد سيدي عبد العال الإدريسي والذي دفن فيه ابنه السيد الشريف محمد . ولهم مقام مشهود ملحق
بالمسجد يقصده كثير من أبناء سيدي أحمد بن إدريس والمريدين والأحباب .
ووفد الشيخ إلى الأزهر الشريف في الثلاثينات من التاريخ الميلادي لتلقي العلم . وزار أهله المقيمين بقرية
( السلمية ) بمركز الأقصر من صعيد مصر بمحافظة قناة .
وقد ترجم رضي الله عنه لنفسه في مقدمة كتابه المنتقى النفيس وذكر : أن قبيلته من بلدة الأقصر بصعيد مصر
من القبيلة المشهورة بالجعافرة العلوية وهم منتشرون بين الأقصر والحلة والدير وقد تناثروا في البلاد . قال :
وفي السلمية يوجد قبر جد والدي ( محمد رفاعي ) بمقبرة جد الجعافرة الشريف السيد الأمير حمد . والـذي له
مقام يزار .
وللجعافرة أنساب كثيرة محفوظة ومن أشهرهم في اظهار تلك النسب أخيراً الشريف السيد إسماعيل النقشبندي
وتلميذه السيد موسى المرعيابي ولا تزال ذرياتهم تحتفظ بتلك النسب كثيرة الفروع المباركة .
وقد تلقى العلم بالأزهر الشريف على يد نخبة من كبار العلماء العاملين الذين جمعوا بين الحقيقة والشريعة ومنهم
الشيخ محمد إبراهيم السمالوطي والشيخ محمد بخيت المطيعي والشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي والشيخ يوسف
الدجوي والشيخ علي الشائب وكثير من العلماء الوافدين على الأزهر الشريف .
وحصل على الشهادة العالية و العالمية مع إجازة التخصص في التدريس من كلية الشريعة الإسلامية .
تعينه وخلوته :
عين إماما ومدرساً بالجامع الأزهر الشريف فاتخذ من رواق المغاربة مقرا له حيث تفرغ للعلم والدعوة والعبادة
لله تعالى . وكانت له خلوة مباركة يعتكف فيها ، فقد مكث مجاورا بالأزهر الشريف خمسين عاما لا يخرج منه إلا
لزيارة أهل البيت ومقامات الأولياء والصالحين والحج والزيارة في كل عام من عمره المبارك إلى أن لقي الله .
تدريسه ودعوته :
لقد اشتهر رضي الله عنه بدرس الجمعة عقب الصلاة بالأزهر الشريف فقد كانت حلقة درسه جامعة اسلامية
انتهجت علوم الشريعة وحقائق الحقيقة . والمئات من الناس كانوا يحرصون على حضور درسه ، ويتبركون بذلك
لما فيه من الأنوار والأسرار والعلوم والمعارف العلمية والصوفية
فقد كان رضي الله عنه يخاطب العقول والخواطر فكان يجيب على تساؤلات العقل ويكشف عن هواجس النفس
ويزيح عن ضمائر القلب في موعظة حسنة وحكمة بالغة .
وممن تحدث عن حلقة درسه فضيلة الدكتور محمد رجب البيومي في كتابه ( رسالة مسجد ) فقال في حديثه
متحدثاً عن الشيخ رضي الله عنه : أفاض الله على لسانه ساعتئذٍ من روائع المعاني ونفائس الحِكم . وأن مددا
روحيا قد تدفق على لسانه مرتفعا من زاخر قلبه المتلاطمة .. وكم للشيخ في ساحات درسه من وثبات وجدانية لا
ندري من أين جاءت . فقد قرأنا ما يقرأ الناس من كتب تفسير وصحائف حديث . وقد رزق فضيلة الشيخ صالح
الجعفري رضي الله عنه حلاوة في الصوت تجعل سامعه يتخيل أنه أمام موسيقى يصدح لا إمام انسان يتكلم .
والصوت الشذي الفصيح إذا استلهم القلب العاطفي المتقد جاء ببديع من فنون البيان يبحث عن تأثيرها أساتذة فن
الإلقاء فلا يهتدون إلى أصولها الحقيقية . ذات الولوج الناشب في مطاوي الإفئدة ولفائف الأحشاء والكبود .
وكان له رضي الله عنه موسوعة أجوبة متعددة من مختلف الأفراد في مختلف العلوم والإتجاهات عقب الدرس
إلى أن يصل إلى مقره بخلوته .
وهكذا ألفه الناس مربياً صوفياً يخلو بأبنائه ومريديه يتحدث معهم في قضاياهم ومشاكلهم .
وكان لفضيلته حضرة صوفية عذبة المنهل كل ليلة اثنين وجمعة يؤمها نفر كريم من الأحباب والمريدين يذكرون
الله فيها ويمدحون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
وكان رضي الله عنه يحتفل بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وموالد آل البيت رضي الله عنه . وليلة الإسراء
والمعراج والهجرة ونصف شعبان وباقي المناسبات الإسلامية .