تتمة ما سبق :
ثاني عشر : أنكر كافة مذاهب أهل السنة بدءا بالمذاهب الأربعة وما سبقها أو لحقها ، ولا تعترف إلا بـ ( ابن تيمية وابن عبدالوهاب ) ثم بمروجي مذهبهم والدائرين في فلكهم من عبيد الدولار والدينار ، وقل : إن أئمة المذاهب الأربعة ومن والاهم ( مجرمون ) فرقوا الأمة ، وصرفوا الناس بقضاياهم الفقهية عن السنة والحديث الشريف ، وأنه لا حاجة بنا لاجتهاداتهم ، أو الاقتداء بهم ، وأن على كل مسلم أن يعمل ليحصل شروط الاجتهاد قبل تحصيل المعاش ، حتى يتناول الأحكام من الكتاب والسنة مباشرة ، مهما كانت ثقافته ، أو إحاطته بعلوم اللغة والدين ، سواءً في ذلك سكان الأدغال أو قمم الجبال أو خريجي الأزهر .
ثالث عشر : اعتقد قبل كل هذا وبعده ، أن إعفاء اللحية هو ركن الإسلام ( السادس ) الذي أغفل ذكره رواة الحديث الذين ذكروا أركان الإسلام وجعلوها خمسة فقط بينما هي ( ستة ) تماما ، وقل : إن أئمة المذاهب تآمروا على الإسلام فلم يجعلوا توفير اللحية شرطا لصحة الإسلام أو الإيمان أو الإحسان ، ولم يجعلوا ترك إعفائها مفسدا للصلاة والصوم والزكاة والحج جميعا ، ولم يقولوا : إن ترك إعفائها ردة تخرج من دين الله ، وأنه لا يطلق على الحليق لفظ مسلم أبدا بأي وجه ، ولا بأي تأويل ، ولا بأي دليل ، مهما صلى وصام وزكى وحج والتزم حدود الله ، وأن الحليق مستوجب لعقوبة الردة والحرابة .
رابع عشر : احمل بكل عنف ، بل بكل وقاحة على جميع مواسم المسلمين وأحفالهم وتقاليدهم مهما يكن لها سند أو استنباط أو قياس ، واتهم كل من يشترك فيها عالما كان أو جاهلا بالشرك والكفر ، والفسوق والعصيان ، والردة والجهل بمعالم الإسلام ، وداوم التشويش والتشبيه ، خلطا بين سنن العادة والعبادة ، وخالف في كل شيء ، واستلفت إليك الأنظار ، واعزل نفسك عن المجتمع قولا وعملا .
خامس عشر : وجه كل جهودك إلى تدمير البناء ( الصوفي ) ، أصيله ودخيله ، مليحه وقبيحه ، واجعل ذلك همك الأول والأخير وغايتك الدنيا والقصوى ، ولا تقبل في ذلك حجة ولا بيانا ، حتى إن كان من كلام إمامك ابن تيمية ، وانس كل النسيان ما في البلاد الإسلامية من مآسي التفريق والتمزيق والخلافات والحروب والأخطار ، ومن شراسة التنصير والتبشير ، وكوارث الإبادة وفواجع الانحلال و اللادينية ، وأهوال الشيوعية ، وفساد الأخلاق والعقائد الذي تبثه وسائل الإعلام المقروءة والمنظورة و المسموعة ، وخطط القضاء على الإسلام التي تدبرها الصليبية واليهودية والفوضوية والماركسية بمراتبها المختلفة في كل وطن فيه واحد من أهل القبلة بالأرض كلها .
فكل ذلك هين ، وهين جدا ، بجوار واجب هدم التصوف و تدمير بنائه ، سواء بالترغيب والإغراء أو الترهيب و الإيذاء .
سادس عشر : لا تعترف بغير العروبة والعرب في المحيط الإسلامي ، رغم كفاح الإسلام للعصبيات والعنصريات ، وقل : إن التُرك والكرد والروم والفرس ، وكل من دخل الإسلام من غير العنصر العربي ، إنما دخلوه ( شعوبية ) ليقضوا عليه من الداخل بوسيلة أو بأخرى ، وأن كل مجد أضيف إلى الإسلام من غير العرب إنما هو أضلولة وأكذوبة ، وأن له دوافع باطنية كلها خطورة لا يفهمها إلا المتسلفون وحدهم ، وأن غير العرب هم الذين أدخلوا على الإسلام من الأقوال والأعمال ما سبب ويسبب له الضياع والتخلف حتى ابتلاء العرب بالدولار والدينار .
سابع عشر : فإذا احتجوا عليك بأمثال البخاري وأبو حنيفة والجرجاني والغزالي ، والمئات من كبار علماء الإسلام غير العرب في كل علم وفن ، وأمثال صلاح الدين الكردي وقطز وبيبرس وبرسباي المملوكي ومحمد الفاتح التركي ، فقل : هذه فلتات ، أو هي أستار تحجب ما وراءها عمدا لأمر ما ، أو ابحث لكل واحد منهم عن شبه نقيصة تقضي بها على ما نسب إليه من أفضال ، فإذا سلم لك واحد وقال : إن الله حكم بأن الحسنات يذهبن السيئات ، فقل : هذه قاعدة لا تنطبق على هؤلاء الأعاجم ، وأنها خاصة بالعرب وحدهم ، وإن جاءوا بما عجز عنه الشيطان !! .
ثامن عشر : قل بلا يحفظ عن كل ( حديث نبوي ) لا يؤيد وجهة نظرك هو ضعيف أو موضوع ، واجعل من سنن العادة سنن عبادة أو العكس ، بلا أصول ولا قواعد ، إلا مزاجك الشخصي ، فالمزاج هو ميزان الشرع في التسلف المعاصر .
تاسع عشر : لا تتوسل إلى الله مبتهلا إليه بواحد من صالحي المسلمين ، حيا أو ميتا ، ولا بسيدنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وقل : إن هذا هو عين الوثنية والشرك مهما يكن دليله وشروطه وتفاصيله ، ولا نفرق بين ( المسئول ، والمسئول به ) ، وغالط كلما أعجزك الدليل ، وداور وناور ، وأخرج المسلمين من دين الله جميعا بالتوسل .
- لا تأتم في الصلاة برجل ليس من شيعتك ، مهما يكن دينه وعلمه وفضله وسابقته في الدعوة إلى الله ، وإياك والصلاة خلف الحليق و الصوفي إياك .
- لا تدخل مسجدا لغير طائفتك ، وقل عن بقية المساجد إنها ( كنائس وبيع ) أو تكاد ، خصوصا إذا كان بها ( قبلة ) أو منبر مرتفع أو ضريح !! .
- لا تعامل من ليس من مذهبك بل احتقره وازجره ، وامنع كل خير يصل إليه ، فمن ليس من مذهبك فهو مبتدع أو وثني أو مشرك نجس .
- العن المرأة ، أصابت أم أخطأت ، وأهدر آدميتها ، مهما اعتصمت بمظهر الإسلام ومخبره ومحضره ، فاحترام المرأة هو الكبيرة الثامنة التي لم يذكرها المحدثون فيما ذكروا من الكبائر السبع .
- أخيراً ، قل : نحن أهل الإسلام لا سوانا ، ومن عدانا فهو عدو الإسلام وعلينا كفاحه ، ومن ليس منا فهو علينا ، وليذهب كل أهل القبلة سوانا إلى جهنم .
*******************************
أما بعد : فهذا أصول من أبرز أصول ( السلفية المعاصرة ) ، يعلم الله أننا لم نتزيد فيها شيئا ، بل تركنا من معالمها الأساسية كثيرا جدا ، رأينا أن ما ذكرناه هنا إنما هو يدل عليه ، أو هو ملحق به ، أو هو أثر طبيعي له ، وبعض ما تركنا من المثير الذي نعف عن الإشارة إليه ، احتراما للشريعة والعقول والآداب .
وأعلم أن اعتناق هذه ( السلفية ) أيسر السبل إلى الثراء العاجل والربح المريح ( وانظر حولك ) ، والتحق بركب ( الغترات والمشالح ) تكسب دائما ( والخيار لك ) .
والمطلوب منك الآن أن تضع هذه ( المبادئ أو القواعد أو الأصول أو المعالم ) التي سجلناها لك هنا في ميزان الشرع والعقل ، متجردا من التعصب ، معتصما بالإنصاف ، مراعيا ربك عزوجل في كل ذلك .
فسوف لا ترى شيئا من هذه الصفات يرجح في ميزان عدالة الشرع الشريف والعقل الحصيف ، بل إنها الفتيل الذي سيفجر القنبلة القاضية على الإسلام بإسم الإسلام ، خصوصا بعد أن افتتن بهذه السلفية بعض الشباب الذين لم تتح لهم فرصة البحث الكافي ، حتى اعتقدوا أن الإسلام هو توفير اللحية وعداوة أهل القبلة – سلفا وخلفا ، علماء وحكاما – إلا ابن تيمية وابن عبدالوهاب ، مع التزام التعقد والتأزم الدائم .
ولسوف تعذرنا بعد هذا في أن ندعوك إلى أن تنادي معنا بوجوب سعة الأفق ، والأخذ بسماحة الإسلام ورفقه ومرونته ويسره ، والتنادي بالحب في الله ، والتعاون على مكافحة المجمع على كفاحه ، وخدمة المجمع على خدمته ، وترك ما عدا ذلك لكل إنسان بما يناسب نفسيته وذاتيته ، على ألا يؤذي غيره ، ولا يجعل ( النفخة الكذابة ) ودعوى الاختصاص بالصواب طريق الدعوة إلى الله .
إننا ندعو إلى محاولة التقريب بين كافة طوائف المسلمين ، أو على الأقل ( المعايشة السلمية ) التي قد تفضي إلى التفرغ لما هو أهم وأعم وما هو أهدى و أجدى ، والله الموفق المستعان .
تمت مقالة الشيخ الشريف محمد زكي إبراهيم ، من علماء الأزهر ورائد العشيرة المحمدية بمصر ، المتوفى سنة 1419 هـ