مما يثير الدهشه كثره اوجه الشبه بين الوهابيه والخوارج فى ما شذوا به عن جماعه المسلمين، حتى انه ليخيل للدارس ان هولاء من اولئك وان تباعد بينهم الزمن!
ومن اوجه الشبه والتوافق بين الطائفتين:
ا - شذ الخوارج عن جميع المسلمين فقالوا: ان مرتكب الكبيره كافر.
وشذ الوهابيه فكفروا المسلمين على ما عدوه من الذنوب.
ب - حكم الخوارج على دار الاسلام اذا ظهرت فيها الكبائر انها دار حرب، وحل منها ما كان يحل لرسول اللّه(ص) من دار الحرب، اى تهدر دماوهم واموالهم.
وهكذا حكم الوهابيه على دار الاسلام وان كان اهلها من اعبد الناس للّه تعالى واكثرهم صلاحا، اذا كانوا يعتقدون جواز السفر لزياره قبر النبى ومشاهد الصالحين ويطلبون منهم الشفاعه.
ويلاحظ فى النقطتين معا ان الوهابيه شر من الخوارج فالخوارج نظروا الى امور اجمع المسلمون على انها كبائر بينما ركز الوهابيه على اعمال ليست هى من الذنوب اصلا بل هى من المستحبات التى عمل بها السلف الصالح من الصحابه والتابعين ومن بعدهم بلا خلاف، كما تقدم بينه.
ج - تشابه الوهابيه والخوارج فى التشدد فى الدين والجمود فى فهمه.
فالخوارج لما قراوا قوله تعالى (ان الحكم الا للّه) قالوا من اجاز التحكيم فقد اشرك باللّه تعالى، واتخذوا شعارهم (لا حكم الا للّه) كلمه حق يراد بها باطل، فقولهم هذا جمود وجهل كبير، فالتحكيم فى الخصومات ثابت فى القرآن الكريم وفى بداهه العقول وفى السنه النبويه وسيره الرسول والصحابه والتابعين.
وكذلك الوهابيه لما قراوا قوله تعالى: (اياك نعبد واياك نستعين) وقوله تعالى: (من ذا الذى يشفع عنده الا باذنه) و(لا يشفعون الا لمن ارتضى)، قالوا: ان من قال بجواز طلب الشفاعه من النبى والصالحين فقد اشرك باللّه، ومن قصد زياره النبى وساله الشفاعه فقد عبده واتخذه الها من دون اللّه، فكان شعارهم (لا معبود الا اللّه) و(لا شفاعه الا للّه)، وهى كلمه حق يراد بها باطل، وهى جمود ايضا وجهل كبير، وجواز هذه الامور ثابت فى سيره الصحابه والتابعين كما تقدم.
د - قال ابن تيميه: (الخوارج اول بدعه ظهرت فى الاسلام فكفر اهلها المسلمين واستحلوا دماءهم) وهكذا كانت بدعه الوهابيه وهى آخر بدعه ظهرت فى الاسلام.
ه - الاحاديث الشريفه التى صحت فى الخوارج ومروقهم من الدين، انطبق بعضها على الوهابيه ايضا.. ففى الصحيح عنه(ص) قال: (يخرج اناس من قبل المشرق يقراون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميه، سيماهم التحليق).
قال القسطلانى فى شرح هذا الحديث: (من قبل المشرق: اى من جهه شرق المدينه كنجد وما بعدها).
ونجد هى مهد الوهابيه وموطنها الاول الذى منه ظهرت وانتشرت.. وايضا فان حلق الرووس كان شعارا للوهابيه يامرون به من اتبعهم وحتى النساء. ولم يكن هذا الشعار لاحد من اهل البدع قبلهم، لذا كان بعض العلماء المعاصرين لظهور الوهابيه يقولون: (لا حاجه الى التاليف فى الرد على الوهابيه، بل يكفى فى الرد عليهم قوله(ص): (سيماهم التحليق) فانه لم يفعله احد من المبتدعه غيرهم)..
و - جاء فى الحديث النبوى الشريف فى وصف الخوارج: (يقتلون اهل الاسلام ويدعون اهل الاوثان). وهذا هو حال الوهابيه تماما، فلم يشننوا حربا الا على اهل القبله، ولم يعرف فى تاريخهم انهم قصدوا اهل الاوثان بحرب او عزموا على ذلك، بل لم يدخل ذلك فى مبادئهم وكتبهم التى امتلات بوجوب قتال اهل القبله!!
ز- روى البخارى عن ابن عمر انه قال فى وصف الخوارج: (انهم انطلقوا الى آيات نزلت فى الكفار، فجعلوها على المومنين).
وورد عن ابن عباس انه قال: (لا تكونوا كالخوارج، تاولوا آيات القرآن فى اهل القبله، وانما انزلت فى اهل الكتاب والمشركين، فجهلوا علمها فسفكوا الدماء وانتهبوا الاموال).
وهذا هو شان الوهابيه، انطلقوا الى الايات النازله فى عبده الاوثان فجعلوها على المومنين، بهذا امتلات كتبهم، وعليه قام مذهبهم.
ح - حوار بين سنى ووهابى.
قال الوهابى: ان كتب الحنابله هى كتب الوهابيه، فما تنكر منها؟ وليس لك ان تواخذهم الا بما تجده صريحا فى كتبهم، ولا عبره بنقل الخصم.
قال السنى: ما تقول فى القرامطه؟
قال الوهابى: كفار ملاحده.
قال السنى: انهم يزعمون ان مذهبهم مذهب اهل البيت، وان كتب اهل البيت هى كتبهم، فهل تجد فى كتب اهل البيت الا الحق والنور؟
قال الوهابى: ان القرامطه كذبوا، وهولاء نقله التاريخ يثبتون كفر القرامطه وزورهم.قال السنى: هل ترى قيام الحجه بنقل اهل التاريخ؟
قال الوهابى: نعم، فان الشافعى صرح بان نقلهم جماعه عن جماعه احب اليه من نقل اهل الحديث واحدا عن واحد.
قال السنى: اذن يجب ان تقبل منى من نقل المورخين المشاهدين للوهابيه ما هو صريح فى كفرهم!
واضاف: ان فعل المرء حجه ودليل عليه وان كذبه لسانه، فالقرامطه لما استحلوا دماء المسلمين واموالهم لم تبق شبهه فى كفرهم، وكذلك سادتك.
فغضب الوهابى ولم يدر ما يقول..
قال السنى: ما تقول فى ما ورد فى الخوارج ومروقهم وانهم كلاب النار، وشر قتلى تحت اديم السماء؟
قال الوهابى: ان المجموع يفيد العلم القطعى بمروق الخوارج واستحقاقهم غضب اللّه، ولكنهم هم الذين قتلهم على بالنهروان، وليس الوهابيه منهم.
قال السنى: بم استحق اولئك غضب اللّه، ابكونهم يحقر الصحابه صلاتهم فى جنب صلاتهم، وصيامهم فى جنب صيامهم؟ قال الوهابى: لا.
قال السنى: ابسبب زهدهم وتقشفهم وقراءتهم القرآن يقومونه كالقدح، وقولهم من قول خير البريه؟
قال الوهابى: لا.
قال السنى: فبماذا اذن؟.. فتلعثم الوهابى..
فقال السنى: ما ذاك الا باستحلالهم دماء المسلمين واموالهم، وتكفيرهم لهم، مع ادعائهم انهم هم المسلمون وحدهم، ولا شك ان من اتصف بما اتصفوا به يستحق ما استحقوا بتلك الصفه.