ومن كلام سيدي (على الخواص) رحمه الله: (الزيارة للإخوان تزيد في الدين، وتركها ينقصه)
وقد قال القوم: (إذا قل رأس مالك فزر إخوانك)
قلت: زيارة الإخوان لا تزيد في الدين إلا مع أدب لزوم الزيارة والله أعلم،
ومن حق الأخ على الأخ: أن يصافحه كلما لقيه بنية التبرك وامتثال الأمر، وقد روى الطبراني: (إذا تصافح المسلمان، لم تفترق أكفهما حتى يغفر لهما)
وروى أبو الشيخ: (إذا التقى المسلمان: وسلم أحدهم على صاحبه، كان أحبهما إلى الله أحسنهم بشراً لصاحبه، فإذا تصافحا أنزل الله عليهم مائة رحمة)
ومن حق الأخ على الأخ: إذا لاقاه وصافحه أن يصلى ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويذكره بذلك.
وقد روى أبو يعلى: (ما من عبدين متحابين يستقبل أحدهم صاحبه، ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم لم يتفرقا حتى يغفر لهما ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر) رواه الإمام احمد بن حنبل في مسنده والضياء عن عامر بن ربيعة.
ومن حق الأخ على الأخ: أن يهاديه كل قليل من الأيام، لا سيما إذا بلغه عنه وقفه، وفى الحديث، (تهادوا تحابوا وتصافحوا يذهب الغل عنكم) رواه أبو يعلى في مسنده ورواه ابن عساكر عن أبى هريرة.
ومن حق الأخ على الأخ: أن يرشده إلى ترك البغي على من بغى عليه وأن ينتصر بالله تعالى، إذا أن إرشاد الأخ المظلوم إلى الانتصار بالله تعالى، والتسليم إليه سبحانه وتعالى من أكبر نصرة الأخ.
وفى (زبور) السيد (داود) عليه السلام: (يا داود، لا تبغ على من بغى عليك فمن بغى على من بغى تخلفت عنه نصرتي).
ومن حق الأخ على الأخ: مساعدته له في التزويج، وقد ذكروا: (أن الإعانة في ذلك أفضل من الغزاة والمكاتبين، إذا هو أفضل نوافل الخيرات، والأجر يعظم السبب، فلولا النكاح ما وجد مجاهد، ولا عابد لله تعالى.
ومن حق الأخ على الأخ: ألا يغفل عن عيادته إذا مرض ولا عن خدمته لا سيما في الليل.
وينبغي للعايد ألا يأكل عند المريض، وفي الحديث: (إذا عاد أحدكم مريضا فلا يأكل عنده شيئا) رواه الديلمي في مسنده الفردوس عن أبى أمامة رضي الله عنه.
ومن حق الأخ علي الأخ: أن يرشده إلي الوصية إذا حضرته الوفاة، ولا يتبع الحياء الطبعي، والفائدة في ذلك معلومة.
ومن حق الأخ علي الأخ: ان يسهر إلي الصباح إذا كان في حالة تفضي إلي الموت، فربما يكون الآجل في ذلك الوقت فيفارقه على وفائه بحقه.
ومن حق الأخ علي الأخ: أن يصدقه إذا انتسب إلي أحد من الأكابر من أولياء أو علماء أو أمراء.
ومن وصية الشيخ محيي الدين بن عربي (أذا انتسب أخوك إلي أحد من الأكابر فاحذر أن تطعن في نسبه، ولو في نفسك فتدخل بين ذلك الشخص وبين الله تعالي، فتقع في إثم كبير، بل ورد أن الطعن في الإنسان كفر)
ومن حق الأخ علي الأخ: ألا يكفره بذنب، ولو لاث الناس به، إذ لا يخفي قلة ورع الناس في الكلام وعسر معرفة جميع الألفاظ التي يكفر بها الإنسان.
والتكفير كما قال شيخ الإسلام السبكي أمر هائل، أقل ما فيه أنه أخبر عن إنسان أنه خالد في النار لا تجري عليه أحكام الإسلام في حياته بعد مماته.
ومن حق الأخ علي الأخ: ألا يبغض ذاته إذا وقع فيما لا ينبغي.
ومن كلام سيدي علي الخواص – رحمة الله (عداوتنا لأفعال من أمرنا الحق تعالي بعداوته عداوة شرعية وعداوتنا لذاته عداوة طبيعية والسعادة في الشرعية لا في الطبيعية.
والغالب في الناس بغضهم لذات من سمعوا عنه أنه وقع في محرم وأما إن سمعوا عنه أنه تكلم فيهم بشيء يكرهونه فإنهم يكرهون أولاده فضلا عن ذاته ويحتقرونه زيادة علي ذلك وربما يزعم بعضهم أنه مصيب في احتقاره له وغاب عنهم أن من الجهل المحض احتقار عبد اعتني به الحق تعالي وأخرجه من العدم إلي الوجود.
(فأحذر يا أخي من ذلك فإن الحق تعالي ما أمرك أن تحتقر أحدا من خلقه وإنما أمرك أن تنكر علي أفعاله المخالفة لشرعة لا غير فتأمر العاصي وتنهاه وأنت غير محتقر له).
وتأمل قوله: في شجرة الثوم (إنها شجرة أكره ريحها) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما.
فما كره ذاتها وإنما كره ريحها الذي هو بعض صفاتها فعلم أن عداوتنا للكفار عداوة صفات بدليل أنهم إذا أسلموا وحسن إسلامهم حرم علينا عداوتهم.
ومن حق الأخ علي الأخ: إذا حصل بينه وبين أخيه وقفه أن يزيد في بث محاسنه أكثر مما كان قبل الوقفة مراعاة للود وقد كان السلف الصالح يمدحون عدوهم كلما ذكر بحضرتهم بحيث يظن الظان أنه من أعظم المعجبين لهم.
فاقتد يا أخي بهم ولا تتوقف في ذكر أخيك بالمعروف أيام غيظك عليه، واحذر من الوقوع في عرضه فربما وقع الصلح فيصير ذلك يكدر صفاء المودة وتذكر ما أكلت عنده من الخبز وما سبق من المعروف وقل من يفعل ذلك.
ومن حق الأخ علي الأخ: ان يقدم حوائجه الضرورية علي عباداته المسنونة ومعلوم أن الخير يتعدي نفعه أفضل من القاصر علي فاعله ومن حق الأخ علي الأخ: إذا وقع في حقه شيء وبلغه ان يبادر إلى الاستغفار وإلى كشف الرأس والإطراق إلى الأرض وإظهار الندم علي ما وقع منه في حق أخيه ويديم ذلك إلى أن يرحمه أخوه ثم إن لم يرحمه رجع على نفسه باللوم واعترف بأنه ظالم وقل من يفعل ذلك.
ومن حق الأخ علي الأخ: أن يقبل اعتذاره ولو كان مبطلا فقد روي الترمذي وغيره (من أتاه أخوه متنصلا من ذنب فليقبل اعتذاره محقا كان أو مبطلا فإن لم يفعل لم يرد علي الحوض).
وفي معني ذلك أنشد:
اقبل معاذير من يأتيك معتذرا *** إن بر عندك فيما قال أو فجرا
فقد أطاعك من يرضيك ظاهره *** وقد أجلك من يعصيك مستترا
وأنشد كذلك:
قيل لي قد أساء إليك فلان *** ومقام الفتي على الذل عار
قلت قد أتى وأحدث عذرا *** دية الذنب عندنا الاعتذار
إذا اعتذر الصديق إليك يوما *** تجاوز عن مساوية الكثيرة
فإن الشافعي روي حديثا *** بإسناد صحيح عن مغيرة
عن المختار أن الله يمحو *** بعذر واحد ألفي كبيرة
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم(من اعتذر إليه أخوه بمعذرة فلم يقبلها منه كان عليه من الخطيئة مصل صاحب مكس)رواه أبو داود في المراسيل.
ومن كلام سيدي (علي الخواص) رحمه الله
(أذا جاءكم أخوكم معتذرا فاقبلوه لاسيما أن طال به الوقوف فإن لم يجد أحدكم في قلبه رقة لأخيه فليرجع علي نفسه باللوم وليقل لها: يأتيك أخوك معتذرا فلا تقبليه؟ فكم وقعت أنت في حقه فلم تلتفتي إليه فأنت إذا أسوأ حالا منه).
وقال بعضهم (الأخ الذي يلجيء أخاه أن يعتذر إليه ليس بأخ صادق، ولا من أهل الطريق، فإن أهل الطريق يقيمون للخلق المعاذير قبل أن يعتذروا إليهم).
ومن حق الأخ علي الأخ: كثرة فرحه له إذا كثرت طاعاته وانقلب الناس إليه بالاعتقاد ومن لم يكن كذلك قام به داء الحسد وفي الحديث (الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)رواه ابن ماجة عن أنس رضي الله عنه.
ومن وصية سيدي (علي وفا) إياك أن تحسد من اصطفاه الله عليك فيمسخك الله كما مسخ إبليس من الصورة الملكية إلي الصورة الشيطانية لما حسد السيد آدم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام.
وفي مناقب سيدي (أحمد البدوي) نفعنا الله ببركاته: أن صاحب الديوان (بطنطا) المسمي بوجه القمر كان وليا عظيما فثار عنده حسد حين جاء سيدي (احمد البدوي) إلي طنطا وانقلب الناس إليه بالاعتقاد فسلب حاله وانطفأ اسمه وذكره.
ومن حق الأخ علي الأخ: أذا أراد سفرا ألا يخرج حتى يودعه بالعناق إن كان رجلا وبالإشارة إن كان صغيرا.
ففي الحديث: (إذا خرج أحدكم إلي سفر فليودع إخوانه، فإن الله جاعل له في دعائهم البركة) رواه ابن عساكر.
ومن حق الأخ علي الأخ: أذا رجع من سفر أن يذهب إليه في منزله فيسلم عليه ويهنئه بالسلامة وكذلك ولده وسائر أعزته إذا رجعوا من سفر أو شفوا من مرض، فمن حقه أن يذهب إليه أخوه ويهنئه بالسلامة.
ومن حق الأخ علي الأخ: أن يشاوره في كل أمر مهم، فقد ذكروا أن المشاورة تزيد في صفاء المودة.
وفي الحديث: (من أراد أمرا فشاور فيه امرءا مسلما وفقه الله لأرشد أموره) رواه الطبراني في الأوسط.
وكان سيدي (علي الخواص) يقول (عليكم بمشاورة إخوانكم في كل أمر مهم، فإن في الحديث (ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار) رواه الطبراني في الأوسط.
وأنشدوا:
شاور أخاك في الخفي المشكل *** واقبل نصيحة فاضل متفضل
كما أنشدوا:
شاور أخاك إذا نابتك نائبة *** يوما وأن كنت من أهل المشورات
فالعين تلقى كفاحا ما دنى ونأى *** ولا ترى نفسها إلا بمرآة
يتبع