بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
الشيخ عبد الهادي الخرسة
لكتاب
أحوال الخلق مع الخالق
تأليف
فيروز الشريف
وقد قدَّم لهذا الكتاب أيضاً فضيلة الشيخ الدكتور مصطفى الخن رحمه الله
الحمد لله رب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد
فما أحوج المسلمين في هذا العصر الذي طغت فيه الماديات على الروح ، وطغت فيه الشبهات على القلب ، وطغت فيه الشهوات على العقل إلى من يذكرهم بالله تعالى ويفتح لهم أبواب ذكره والتبتل إليه حتى يجدوا طعم الإيمان ولذة المناجاة.
وإنه لن تنفك عن العقل قيوده ، ولن ترفع عن القلب حجبه حتى يتعرف العبد على الله تعالى ، ويتعرف على من يعرفه بالله ويدله عليه.
ولا يزال بفضل الله تعالى وتوفيقه في كل قطر قائمٌ لله تعالى بحجّةٍ إما ظاهراً مشهوراً ، أو باطناً مغموراً ، يذكر الله مع الذاكرين ، ويذكّر بالله تعالى الغافلين ، ويجمع الناس على العلم والخير ، ويدلّهم على الله تعالى بحاله وقاله ، يتذكر الناس ربهم عند رؤيته ويذكرون الله تعالى عند موعظته ، ويزيدهم علماً منطقه ، ويدلّهم على الآخرة عمله.
هؤلاء هم الورثة المحمديون الكاملون أولو الألباب ، آتاهم الله تعالى البصيرة في قلوبهم ، والحكمة العلمية في عقولهم ، والحكمة العملية في سلوكهم ودعوتهم فالسعيد من أوصله الله إليهم ، وأكرمه بمجالستهم ، ورزقه الأدب معهم ، والشقي من استهان بهم وحرم نفسه من دعواتهم فهو المحروم ، وأشدّ حرماناً منه من جالسهم وصحبهم ولم يرزق الأدب معهم.
وإنَّ الذكر منشور الولاية الكبرى ، وهؤلاء هم أولياء الله تعالى على الحقيقة ، يُذكرون بذكره ويُذكر بذكرهم.
فهموا الذكر بمعناه الشموليّ العام ، إنه كلمة تجمع كل الطاعات والوظائف الشرعية الظاهرة والباطنة فأتوا بالذكر الكليّ بإعطاء كلّ جارحة وظيفتها من التعبّد ثم انتقلوا إلى الذكر الكونيّ ، فذكروا الله عند كل شيء يرونه ، وأخذوا منه وجه دلالته على وجود الله ووحدانيته.
فميّزهم الله تعالى بذكره هذا عن أولئك الغافلين الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكر الله تعالى ، وكانوا لا يستطيعون سمعاً.
وإنَّ هذا المؤلف القيّم يبيّن لنا الذكر ومفهومه ، ومقامات أهله وصفاتهم ، وجمع بين صفحاته الكثير من الفوائد العلمية والفكرية والسلوكية ، مما يجعله كتاباً جديراً بالقراءة والدراسة والتطبيق.
فجزى الله تعالى الأخت فيروز محمد الشريف على كتابها هذا خير الجزاء ، ونفع به العامة والخاصة من عباده ، وجعل ثوابه في صحيفة حسناتها عند الله تعالى ..آمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
كتبه
الشيخ عبد الهادي الخرسة
خريج جامعة الأزهر
15/12/1997مـ
15/شعبان/1418هـ
http://abdalhadialkharsa.com/index.php?act=viewArt&id=429