هذه الترجمة المختصرة من كتاب (أبجد العلوم للقنوجي )
الشيخ: أحمد بن عبد الأحد بن زين العابدين الفاروقي ، السرهندي
- بلدة عظيمة بين دهلي ولاهور -، وهو المعروف: بمجدد الألف الثاني.
كان عالما عاملا، عارفا كاملا، ينتهي نسبه إلى الفاروق.
ولد في سنة 971، حفظ القرآن، وقرأ على أبيه أولا، واستفاد منه جما من العلوم، ثم ارتحل إلى سالكوت، وتتلمذ على المحقق: كمال الدين الكشميري (3/ 226) بعض المعقولات بغاية من التحقيق، وأخذ الحديث عن: الشيخ يعقوب، المحدث الكشميري، وكان صاحب كبراء المحدثين بالحرمين الشريفين، وأسند الحديث عنهم، وتناقل الحديث المسلسل بالرحمة بواسطة واحدة، عن الشيخ: عبد الرحمن بن فهد - من كبراء المحدثين في زمانه بالهند -، وتعاطى عنه إجازة كتب التفسير، والصحاح الست، وسائر مقروءاته.
وروى الحديث المسلسل بالأولية عن القاضي: بهلول البدخشاني، عن ابن فهد المذكور، ولعله هو الواسطة في الإجازة بينهما، وفرغ من التحصيل في عمر سبعة عشرة سنة، واشتغل بالتدريس.
وله: رسائل لطيفة باللسان العربي، والفارسي.
وجاء إلى دهلي في سنة 1002، وأخذ الطريقة النقشندية عن خواجة عبد الباقي، عن خواجه إمكنكي، عن أبيه مولانا: درويش محمد، عن خاله مولانا: محمد زاهد، عن خواجه: عبيد الله أحرار، وكذا الطرائق الأخرى عن شيوخ أخر، ووصلت سلسلته من الهند إلى ما وراء النهر، والروم، والشام، والعرب، وأقصى المغرب، مثل: فاس وغيرها.
وله مكتوبات، في ثلاثة مجلدات، هي حجج قواطع على تبحره، وسمعت أنه عربها بعض العلماء، ولكن لم أر المعرَّبة، وحبسه السلطان: جهانكير في حصن كواليا، على عدم سجدة التعظيم منه له، و إليه أشار آزاد في غزله:
لقد برع الأقران في الهند ساجع ** وجدد فن العشق يا للمغرد!
فلا عجب أن صاده متقنص ** ألم تر في الأسلاف قيد المجدد؟
ولما حبس لبث في السجن ثلاث سنين، ثم أطلق، وأقام في العسكر يدور معه، ثم عاد إلى سهرند - والعود أحمد -، ثم توفي في سنة 1034، وله ثلاث وستون سنة، دفن بسهرند.
ومن مؤلفاته: (الرسالة التهليلية)، ورسالة: (إثبات النبوة)، ورسالة: (المبدأ (3/ 227) والمعاد)، ورسالة: (المكاشفات الغيبية)، ورسالة: (آداب المريدين)، ورسالة: (المعارف اللدنية)، ورسالة: (رد الشيعة)، و (تعليقات العوارف)... إلى غير ذلك.
ومن إفاداته أنه أوضح الفرق بين وحدة الوجود، وبين وحدة الشهود، وبيَّن أن وحدة الوجود تعتري السالك في أثناء سلوكه، فمن ترقى مقاما أعلى من ذلك تتجلى له حقيقة وحدة الشهود، فسد بذلك طريق الإلحاد على كثير ممن كان يتستر بزي الصوفية، ثم إنه باحث الملاحدة في زمانه، وجادلهم بقلمه ولسانه، ورد على الروافض، وحقق الفرق بين البدعة والسنة؛ وأقيسة المجتهدين، واستحسانات المتأخرين؛ والتعارف عن القرون المشهود لها بالخير، وما أحدثه الناس في القرون المتأخرة وتعارفوه فيما بينهم؛ فردّ بذلك مسائل مما استحسنها المتأخرون من فقهاء مذهبه، وكان فقيها ماتريديا، حريصا على اتباع السنة، مجتهدا فيه، قليل الخطأ في دركه، والمسائل المعدودة التي شدد بعض أهل العلم النكير بها عليه، فالصواب أن لها تأويلا، وقد شاركه فيها غيره، ممن لا يحصى كثرة، فليس إذا يخصه الإنكار.
ومن أبنائه: الشيخ محمد سعيد، الملقب: بخازن الرحمة، له حاشية على (المشكاة)، توفي في سنة 1020، والشيخ: محمد معصوم، يلقب: بالعروة الوثقى، له مجموع من مكاتيبه مفيد، توفي في سنة 1077. وكان لهما أخ ثالث: يقال له: الشاه محمد يحيى، أخذ عن أخويه، وهو الذي خالفهم في مسألة الإشارة بالسبابة، توفي في سنة 1098.
ومن أجلة أصحابه المتأخرين: الشيخ شمس الدين العلوي، من ذرية محمد ابن الحنفية، المعروف: بميرزا مظهر جانجان، كان ذا فضائل كثيرة، وقرأ الحديث على الحاج السيالكوني، وأخذ الطريقة المجددية عن أكابر أهلها، كان له في اتباع السنة، والقوة الكشفية شأن عظيم.
وله شعر بديع، ومكاتيب نافعة، وكان يرى الإشارة بالمسبحة، ويضع يمينه على (3/ 228) شماله تحت صدره، ويقوي قراءة الفاتحة خلف الإمام.
عام وفاته: عاش حميدا، مات شهيدا.