الفصل الأول
في تفسير آية إِنَّ الله وملائِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبِيّ يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلَيماً وما يناسبها من الأقوال.
قال العلامة شمس الدين الخطيب (يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي) أي محمد صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس أراد الحق سبحانه أن الله تعالى يرحم النبي والملائكة يدعون له والصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار وقال أبو العالية صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء (يَا أّيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) أي ادعوا له بالرحمة (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) أي حيوه بتحية الإسلام وأظهروا شرفه بكل ما تصل قدرتكم إليه من حسن متابعته وكثرة الثناء الحسن عليه والانقياد لأمره في كل ما يأْمر به والسلام عليه بألسنتكم وذكر في السلام المصدر للتأكيد ولم يذكره في الصلاة لأنها كانت مؤكدة بقوله تعالى إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي وأقل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم اللهم صل على محمد وأكملها اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وآل إبراهيم إسمعيل واسحق وأولادهما ا.هـ. ملخصاً وقال الإمام البيضاوي (إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي) يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) اعتنوا أنتم أيضاً فإنكم أولى بذلك وقولوا اللهم صل على محمد (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) قولوا السلام عليك أيها النبي وقيل وانقادوا لأوامره والآية تدل على وجوب الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم في الجملة وقيل تجب الصلاة كلما جرى ذكره وقال الشيخ رحمه الله قال الحافظ السخاوي قال ابن عبد البر أَجمع العلماء على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض على كل مؤمن بقوله تعالى يا أَيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً وقال الإمام القرطبي لا خلاف في وجوبها في العمر مرة وأَنها واجبة في كل حين وجوب السنن المؤكدة وسبقه ابن عطية في ذلك فقال الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال واجبة وجوب السنن المؤكدة التي لا يسع تركها ولا يغفلها إلا من لا خير فيه وعند الإمام الشافعي رضي الله عنه واجبة في الصلاة في التشهد الأخير وبقوله قال بعض أصحاب الإمام مالك رضي الله عنه وقال بعضهم بوجوب الإكثار منها من غير تحديد وقال الإمام الطحاوي تجب كلما سمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من غيره أو ذكره بنفسه وقال الإمام الحليمي في كتاب شعب الإيمان أن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم من شعب الإيمان فتعظيمه منزلة فوق المحبة فحق علينا أن نحبه ونجلّه ونعظمه أكثر وأَوفر من إجلال كل عبد سيده وكل ولد والده وبمثل هذا نطق الكتاب ووردت أوامر الله تعالى ا.هـ. ملخصاً. وفي الدر المنثور للحافظ السيوطي قال لما نزلت هذه الآية جعل الناس يهنونه صلى الله عليه وسلم وفي كثير من التفاسير وكتب الحديث عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى أنه لقيه كعب ابن عجرة فقال أهدى إليك هدية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت بلى فأَهدها لي قال لما نزلت إن الله وملائكته يصلون على النبي الآية قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ورويت بزيادة ونقص
يتبع.