عليكم بالجماعة
لقد باتت الأمة الإسلامية مستهدفة من قبل أعدائها في الداخل والخارج ، والذين ما فتئوا يكيدون لها بكل الوسائل للنيل منها عن طريق تمزيق وحدتها.
وقد نجحت هذه المحاولات –في كثير من الأوقات – حتى أصبحت واقعا لزم فيه الحق للتاريخ بما سجل علينا من تبعاتها وسلبياتها التي لا تزال الأمة تعاني منها .
ولا أجد سبيلا إلى مواجهة هذه التحديات إلا من خلال الدعوة إلى توحيد الجهود من أجل لم شعث الأمة ، والعمل على حسم أسباب الإحن البدوية ، والصراعات الفكرية ، والعصبيات العرقية ، التي عرضت الأمة – في كثير من أدوارها التاريخية – لأن تكون مستهدفة .
فلا جرم أن دعانا رسول الله – صلى الله تعالى عليه وآله وسلم – إلى لزوم الجماعة ، وهي الجماعة بمفهومها الصحيح لدى المصلحين ، القائمين بالنصح للأمة
وهو المعنى الذي أكدته الشريعة بنصوصها ، إما بضميمة السياق ، أو دلالة العطف ، أو مفهوم الإضافة.
فمن الأول:
ما ورد من حديث عرفجة بن شريح – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله – صلى الله تعالى عليه وآله وسلم – يقول :
( إنها ستكون بعدي هنات وهنات ، فمن رأيتموه فارق الجماعة ، أو يريد أن يفرق أمة محمد ، كائنا من كان فاقتلوه ، فإن يد الله مع الجماعة ، والشيطان مع من فارق الجماعة يركض ).
والمتأمل في الحديث يرى أن النبي – صلى الله تعالى عليه وآله وسلم – قد ألحق بذكر الجماعة ما يشيع حكمها في الأمة ، حيث قال: أو يريد أن يفرق أمة محمد .
ومن الثاني :
حديث معاذ – رضي الله عنه – ( إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم ، يأخذ الشاة القاصية والناحية ، فإياكم والشعاب ، وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد) .
فانظر كيف عطف النبي – صلى الله تعالى عليه وآله وسلم – على لفظ الجماعة ما يتعين به إشاعتها في الأمة حيث قال : والعامة ، مع أن ذكر الخاصة يأتي مناسبا لما قد يتبادر إلى الأذهان من معنى التخصيص .
ومن الثالث :
حديث حذيفة- رضي الله عنه – وأوله : ( كان الناس يسألون رسول الله – صلى الله تعالى عليه وآله وسلم – عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني .... الحديث ، وفيه قوله – صلى الله تعالى عليه وآله وسلم – ( تلزم جماعة المسلمين ... ).
ولا يخفى على القارئ الكريم ما يؤكده حكم الإضافة إلى المسلمين - والتي هي أعم من الإضافة إلى الإسلام – من إشاعتها في الأمة أيضا.
وريثما نلتقي على صفحات أخرى أستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكتبه
خادم العلم والحديث الشريــف
محمد إبراهيم عبد الباعـــث